• img

في ذكرى استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) تهدمت والله أركان الهدى.. قُتل علي المرتضى

يونيو 27, 2016
في ذكرى استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) تهدمت والله أركان الهدى.. قُتل علي المرتضى

تصادف اليوم 21 رمضان المبارك ذكرى استشهاد الامام علي بن أبي طالب عليهما السلام عام 40 هـ وبهذه المناسبة الاليمة نستذكر جانبا من ملامح حياته الشريفة في مراحلها الاخيرة.

الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله يخبر الإمام علي عليه السلام عن مصيره

قال الله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا، إلا منْ ارتضى مِن رسول فإنه يسلك مِن بين يديه ومِن خلفه رصدا)(سورة الجن 26 – 27)

تحدث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في خطبة له عن فضائل شهر رمضان فقام أمير المؤمنين عليه السلام سائلاً:

يا رسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟

فقال: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل ثم بكى.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا رسول الله ما يبكيك؟

فقال: يا علي ابكي لما يستحل منك في هذا الشهر كأني بك وأنت تصلي لربك وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود فضربك ضربة على قرنك فخضب منها لحيتك.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقلت: يا رسول الله وذلك في سلامة من ديني؟

 فقال صلى الله عليه وآله: في سلامة من دينك ثم قال:

يا علي منْ قتلك فقد قتلني، ومنْ أبغضك فقد أبغضني، ومنْ سبك فقد سبني لأنك مني كنفسي، روحك من روحي، وطينتك من طينتي، ان الله تبارك وتعالى خلقني وإياك، واصطفاني وإياك، واختارني للنبوة، واختارك للإمامة، فمنْ أنكر إمامتك، فقد أنكر نبوتي يا علي أنت وصيي، وأبو ولدي وزوج ابنتي، وخليفتي على أمتي في حياتي، وبعد موتي، أمرك أمري ونهيك نهيي، أقسم بالذي بعثني بالنبوة، وجعلني خير البرية، انك لحجه الله على خلقه وأمينه على سره وخليفته على عباده (1).

الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام يروي مصيره عن رسول الله

لقد خبرني حبيب الله وخيرته من خلقه، وهو الصادق المصدوق عن يومي هذا، وعهد إلي فيه فقال:

(يا علي كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس تدعو فلا تجاب وتنصح عن الدين فلا تعان. وقد مال أصحابك، وشنف لك نصحاؤك، وكان الذي معك أشد عليك من عدوك، إذا استنهضتهم صدوا معرضين. وإن استحثثتهم أدبروا نافرين يتمنون فقدك لما يرون من قيامك بأمر الله عز وجل، وصرفك إياهم عن الدنيا فمنهم من قد حسمت طمعه فهو كاظم على غيظه، ومنهم من قتلت أسرته فهو ثائر متربص بك ريب المنون…….. حتى يقتلوك مكرا، أو يرهقوك شرا وسيسمونك بأسماء قد سموني بها، فقالوا:

كاهن، وقالوا ساحر، وقالوا كذاب مفتر، فاصبر فإن لك في أسوة.) (2)

وقال الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام:

(كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض طرق المدينة، فأتينا على حديقة، فقلت:

يا رسول الله ما أحسنها من حديقة.

قال صلى الله عليه وآله وسلم: ما أحسنها، ولك في الجنة أحسن منها.

ثم أتينا على حديقة أخرى فقلت: يا رسول الله ما أحسنها من حديقة.

قال صلى الله عليه وآله وسلم: ما أحسنها، ولك في الجنة أحسن منها.

حتى أتينا على سبع حدائق، أقول: يا رسول الله ما أحسنها، ويقول: لك في الجنة أحسن منها، فلما خلى له الطريق اعتنقني ثم أجهش باكيا، وقال:

 بأبي الوحيد الشهيد.

فقلت: يا رسول الله ما يبكيك؟

فقال: ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا من بعدي، أحقاد بدر، وتراث أحد.

فقلت: في سلامة من ديني؟

قال: في سلامة من دينك، فأبشر يا علي، فان حياتك وموتك معي، وأنت أخي، وأنت وصيي، وأنت صفيي، ووزيري، ووارثي، والمؤدي عني، وأنت تقضي ديني، وتنجز عداتي عني، وأنت تبرئ ذمتي، وتؤدي أمانتي، وتقاتل على سنتي الناكثين من أمتي، والقاسطين والمارقين، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، و لك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه، فاصبر لظلم قريش إياك، وتظاهرهم عليك فإنك بمنزلة هارون من موسى ومن تبعه، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه، وإن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم بهم، وإن لم يجد أعوانا أنت يكف يده، ويحقن دمه، ولا يفرق بينهم. يا علي، ما بعث الله رسولا إلا وأسلم معه قوم طوعا وقوم آخرون كرها، فسلط الله الذين أسلموا كرها على الذين أسلموا طوعا فقتلوهم ليكون أعظم لأجورهم. يا علي وانه ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها، وإن الله قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة ولو شاء الله لجعلهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من خلقه، ولا يتنازع في شئ من أمره، ولا يجحد المفضول ذا الفضل فضله، ولو شاء عجل النقمة، فكان منه التغيير حتى يكذب الظالم، ويعلم الحق أين مصيره. ولكن جعل الدنيا دار الأعمال، وجعل الآخرة دار القرار، ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.

فقلت: الحمد لله شكرا على نعمائه، وصبرا على بلائه، وتسليما ورضا بقضائه)(3).

الإمام ينتظر الوعد وينعى نفسه قبل الإغتيال:

قال [ أبو ] المؤيد الخوارزمي في كتابه المناقب يرفعه بسنده إلى أبي الأسود الدؤلي أنه عاد علياً في شكوى اشتكاها. قال: فقلت له:

قد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه، فقال:

لكني والله ما تخوفت على نفسي لأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول:

إنك ستضرب ضربة هاهنا – وأشار إلى رأسه – فيسيل دمها حتى تخضب لحيتك، يكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود (4).

لما فرغ أمير المؤمنين (عليه السلام)من قتال الخوارج عاد إلى الكوفة في شهر رمضان، وقام في المسجد وصلى ركعتين، ثم صعد المنبر فخطب خطبة حسناء، ثم التفت إلى ولده الحسن (عليه السلام)فقال:

يا أبا محمد كم مضى من شهرنا هذا؟

فقال: ثلاثة عشر يا أمير المؤمنين ثم سأل الحسين (عليه السلام)

فقال: يا أبا عبد الله كم بقي من شهرنا هذا؟

 

فقال: سبعة عشر يا أمير المؤمنين.

 فضرب (عليه السلام)يده إلى لحيته وهي يومئذ بيضاء فقال:

والله ليخضبنها بدمها إذ انبعث أشقاها (5).

قال ابن الأثير في الكامل قيل من غير وجه !: أن علياً كان يقول:

ما يمنع أشقاكم أن يخضب هذه من هذه يعني لحيته من دم رأسه.

قال الإمام الحسن بن علي المجتبى عليهما السلام يوم قتل علي:

خرجت البارحة وأبي يصلي في مسجد داره فقال لي:

يا بني اني بت أوقظ أهلي لأنها ليلة الجمعة صبيحة بدر، فملكتني عيناي فنمت فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، فقلت:

يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد

(قال: والأود: العوج، واللدد: الخصومات)

فقال لي:ادع عليهم.

فقلت:اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم، وأبدلهم بي من هو شر مني.

 فجاء ابن النباح فآذنه بالصلاة فخرج وخرجت خلفه فضربه ابن ملجم فقتله،

 وقال المسعودي: وقيل:إن عليا لم ينم تلك الليلة، وانه لم يزل يمشي بين الباب والحجرة وهو يقول:

والله ما كذبت، ولا كذبت، وانها الليلة التي وعدت فيها (6).

أغتيل الإمام علي عليه السلام سنة 40 من الهجرة في شهر رمضان، ضرب ليلة تسع عشرة ليلة الأربعاء، و قبض ليلة الجمعة، ليلة إحدى وعشرين، فكانت مدة خلافته خمس سنين إلا نحوا من أربعة أشهر أو ثلاثة أشهر لأنه بويع لخمس بقين من ذي الحجة سنة 35 هـ (7).

اين كان حراس الإمام عليه السلام؟

في جواهر المطالب لأبن الدمشقي عن سفيان بن عيينة قال:كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يخرج بالليل إلى المسجد، فقال ناس من أصحابه:

نخشى أن يصيبه بعض عدوه، و لكن تعالوا نحرسه فخرج ذات ليلة فإذا هو بنا فقال:

 ما شأنكم؟فكتمناه فعزم علينا فأخبرناه فقال:

 تحرسونني من أهل السماء أو من أهل الأرض؟

 قلنا: من أهل الأرض.

 قال: إنه ليس يقضي في الأرض شئ حتى يقضي في السماء (7).

مؤامرة اغتيال الامام علي عليه السلام

قال المفيد (ره): ومن الأخبار الواردة بسبب قتله (عليه السلام) ما رواه جماعة من أهل السير، منهم: أبو مخنف، وإسماعيل بن راشد الرفاعي، وأبو عمرو الثقفي، وغيرهم:

 ان نفراً من الخوارج اجتمعوا بمكة، فتذاكروا الأمراء، فعابوهم، وعابوا أعمالهم، وذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم !،وقال بعضهم لبعض لو انا شرينا أنفسنا لله فاتينا أئمة الضلال، فطلبنا غرتهم،فأرحنا منهم العباد والبلاد واخذنا ثار إخواننا الشهداء بالنهروان،فتعاهدوا عند انقضاء الحج على ذلك ! فقال عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله: انا أكفيكم علياً، وقال البرك بن عبد الله التميمي: انا أكفيكم معاوية، وقال عمرو بن بكر التيمي:انا أكفيكم عمرو بن العاص، وتعاقدوا على ذلك، وتواثقوا على الوفاء، واتعدوا الشهر رمضان في ليلة تسع عشرة منه، ثم تفرقوا.

فاقبل ابن ملجم لعنه الله، و كان عداده في كندة حتى قدم الكوفة، فلقي بها أصحابه، فكتمهم امره مخافة ان ينتشر منه شئ، فهو في ذلك إذ زار رجلا من أصحابه ذات يوم من تيم الرباب فصادف عنده قطام بنت أخضر التيمية، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام)قتل أباها وأخاها بالنهروان، وكانت من أجمل النساء، فلما رآها ابن ملجم لعنه الله، شغف بها،واشتد إعجابه، فسأل في نكاحها وخطبها !

فقالت له: ما الذي تسمى لي من الصداق؟

فقال لها: احتكمي ما بدا لك؟

فقالت له: انا محكمة عليك ثلاثة آلاف درهم ووصيفا وخادما وقتل علي بن أبي طالب !

قال: فانىّ لي بذلك.

 فقالت: تلتمس غرته فانْ أنت قتلته شفيت نفسي، وهناك العيش معي، وانْ قتلت فما عند الله خير لك من الدنيا.

 فقال: انا والله ما أقدمني هذا المصر، و قد كنت هاربا منه لا آمن من أهله إلا ما سألتيني من قتل علي بن أبي طالب فلك ما سألت !

قالت: فانا طالبة لك بعض منْ يساعدك على ذلك ويقويك !، ثم بعثت إلى وردان بن خالد من تيم الرباب، فخبرته الخبر وسألته المعاونة لابن ملجم، فاحتمل ذلك لها.

فخرج ابن ملجم فاتى رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بحرة فقال له:

يا شبيب هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ !

قال: وما ذاك؟

قال: تساعدني على قتل علي بن أبي طالب، وكان شبيب على رأي الخوارج، فقال له:

يا بن ملجم هبلتك الهبول، لقد جئت شيئا إدا، وكيف نقدر على ذلك؟

فقال له ابن ملجم:نكمن له في المسجد الأعظم، فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به !، فانْ نحن قتلناه شفينا أنفسنا، وأدركنا ثارنا !، فلم يزل به حتى اجابه ! فاقبل معه حتى دخل المسجد على قطام، وهي معتكفة في المسجد الأعظم قد ضربت عليها قبة !

فقال لها: قد اجتمع رأينا على هذا الرجل.

فقالت لهما: فإذا أردتما ذلك فأتياني في هذا الموضع، فانصرفا من عندها. فلبثا أياما ثم أتياها ومعهما الآخر ليلة الأربعاء لتسع عشرة ليلة خلون من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، فدعت لهم بحرير، فعصبوا به صدورهم، وتقلدوا سيوفهم، ومضوا، فجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين (عليه السلام)إلى الصلاة !

 

وقد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث بن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)وواطاهم على ذلك !

وحضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه. وكان حجر بن عدي (ره)تلك الليلة بائتا في المسجد، فسمع الأشعث بن قيس يقول لابن ملجم:

النجا النجا لحاجتك فقد فضحك الصبح؟

فأحس حجر بما أراد الأشعث فقال له:قتلته يا أعور، وخرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيخبره ويحذره من القوم، فخالفه أمير المؤمنين (عليه السلام)فدخل المسجد، فسبقه ابن ملجم لعنه الله فضربه بالسيف ! فأقبل حجر، والناس يقولون:

 قـُتـِلَ أمير المؤمنين (عليه السلام)(8).

تنفيذ ابن ملجم مؤامرة الاغتيال

وكان عليه السلام يطيل الركوع والسجود في الصلاة كعادته في الفرائض والنوافل حاضرا قلبه، فلما أحس اللعين به نهض مسرعا، فأقبل يمشي حتى وقف بإزاء الأسطوانة التي كان الإمام عليه السلام يصلي عليها فأمهله حتى صلى الركعة الأولى وركع الثانية وسجد السجدة الثانية، فعند ذلك اخذ السيف ثم ضربه على رأسه الشريف فلما أحس عليه السلام لم يتأوه وصبر، فوقع على وجهه قائلا:

 بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله، هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله.

قال الراوي:فلما سمع الناس الضجة ثار إليه كل من كان في المسجد وصاروا يدورون ولا يدرون أين يذهبون من شدة الصدمة والدهشة، ثم أحاطوا بأمير المؤمنين عليه السلام، وهو يشد رأسه بمئزره والدم يجري على وجهه ولحيته وقد خضبت بدمائه وهو يقول:

هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله.

ومما قال الراوي:واصطفقت أبواب الجامع، بالدعاء وهبت ريح عاصف سوداء مظلمة،ونادى جبرئيل بين السماء والأرض بصوت يسمعه كل مستيقظ:

تهدمت والله أركان الهدى، وانطمست والله نجوم السماء، وأعلام التقى، وانفصمت والله العروة الوثقى، قتل ابن عم المصطفى، قتل الوصي المجتبى، قتل علي المرتضى، قتل والله سيد الأوصياء، قتله أشقى الأشقياء.

الإمام عليه السلام يخبر عن إستشهاد الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام

قال: فلما سمعت أم كلثوم نعي جبرئيل عليه السلام  لطمت على وجهها وشقت جيبها وصاحت:

وا أبتاه وا علياه، وا محمداه وا سيداه.

وصارالناس ينوحون وينادون:

وا إماماه، وا أمير المؤمنيناه، قَـُتـِلَ والله إمام عابد مجاهد لم يسجد لصنم كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه واله.

ثم إن الخبر شاع في جوانب الكوفة وانحشر الناس حتى المخدرات خرجن من خدورهن إلى الجامع وهم ينظرون إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فدخل الناس الجامع، فوجدوا الحسن عليه السلام ورأس أبيه في حجره، وقد غسل الدم عنه وشد الضربة، وهي تشخب دما، ووجهه عليه السلام قد زاد بياضا بصفرة، وهو يرمق السماء بطرفه ولسانه يسبح الله ويوحده، وغشي عليه، فصاح الحسن عليه السلام:

وا أبتاه وجعل يبكي بكاء عاليا، ففتح عينيه فرأى الحسن عليه السلام باكيا فقال ما منه:

 

وغدا تقتل بعدي مسموما ومظلوما، ويقتل أخوك بالسيف، وتلحقان بجدكما وأبيكما وأمكما؟(9)

قال الشيخ في الأمالي:وخرج الحسن والحسين عليهما السلام، واخذا ابن ملجم وأوثقاه، واحتمل أمير المؤمنين عليه السلام فادخل داره فقعدت لبابة عند رأسه، وجلست أم كلثوم عند رجليه، ففتح عينيه فنظر إليهما فقال:

الرفيق الأعلى خير مستقرا، وأحسن مقيلا،ثم عرق ثم أغمي عليه، ثم أفاق فقال:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وأله  يأمرني بالرواح إليه

ولما ضرب (علي عليه السلام)قال:

فزت ورب الكعبة. وتوفي سنة أربعين، وغسله الإمامان الحسن والحسين عليهما السلام.

وروى الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في أماليه بسنده إلى الأصبغ بن نباتة قال:

لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام غدونا عليه نفر من أصحابنا: انا، والحارث، وسويد بن غفلة، وجماعة معنا فقعدنا على الباب فسمعنا البكاء من الدار فبكينا فخرج إلينا الحسن بن علي عليه السلام فقال:

يقول لكم أمير المؤمنين انصرفوا إلى منازلكم، فانصرف القوم غيري واشتد البكاء في منزله، فبكيت فخرج الحسن عليه السلام فقال:

أ لم أقل لكم انصرفوا.

فقلت: لا والله يا ابن رسول الله ما تتابعني نفسي، ولا تحملني رجلاي ان انصرف حتى ارى أمير المؤمنين، وبكيت، فدخل الدار ولم يلبث ان خرج فقال لي:

ادخلْ فدخلت على أمير المؤمنين عليه السلام، فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف دمه واصفر وجهه فما أدري وجهه أشد صفرة أم العمامة فأكببت عليه فقبلته، وبكيت فقال لي:

لا تبك يا أصبغ فإنها والله الجنة فقلت له جعلت فداك اني اعلم والله انك تصير إلى الجنة، وانما أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين.

وروى قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب الخرائج عن عمرو بن الحمق قال دخلت على علي عليه السلام حين ضرب الضربة بالكوفة فقلت:

ليس عليك باس، انما هو خدش.

قال: لعمري اني لمفارقكم، ثم أغمي عليه، فبكت أم كلثوم، فلما أفاق قال: لا تؤذيني يا أم كلثوم، فإنك لو ترين ما ارى ان الملائكة من السماوات السبع بعضهم خلف بعض، والنبيين يقولون انطلق يا علي فما أمامك خير لك مما أنت فيه.

الامام يحتج على قاتله بعد احضاره

فتح عليه السلام عينيه ونظر إليه، وهو مكتوف وسيفه في عنقه، فقال له بضعف وانكسار وصوت رأفة ورحمة:

يا هذا لقد ارتكبت أمرا عظيما وخطبا جسيما، أبئس الامام كنت لك حتى جازيتني بهذا الجزاء؟

شارك المقال