بما أن الولايات المتحدة ترى في الساحة العراقية منطقةً أكثر مناسبة لنشاطها العسكري من الساحة السورية، وبما أن النظام السعودي يرى في الوضع الداخلي العراقي بيئة صالحة لإثارة نعرات طائفية ومذهبية،
فضلاً عن اعتبار الرياض بأن إشعال العراق سيكون دوماً بمثابة مشكلة للجمهورية الإسلامية الإيرانية ونوعاً من أنواع الضغط عليها، فقد خفض النظام السعودي تمثيله الدبلوماسي في العراق، بعد طلب حكومة بغداد استبدال سفير المملكة ثامر السبهان، الذي اتهمته بالتدخل في الشأن العراقي الداخلي، حيث تمت تسمية عبد العزيز الشمري كقائم بالأعمال في السفارة السعودية لدى بغداد.
إن قيام الرياض بتخفيض تمثيلها الدبلوماسي لقائم بالأعمال عوضاً عن سفير يتم اتهامه بالتدخل بالشأن الداخلي العراقي يدل على مدى التوتر الذي وصلت إليه العلاقات العراقية ـ السعودية، وهي بالمناسب لم تكن يوماً في أحسن أحوالها أو حتى على مستوى جيد.
الرد السعودي على الطلب العراقي المشروع هو أيضاً بمثابة قرار سعودي بأن التدخل الوهابي سيظل مستمراً وإن لم يعجب العراقيين ذلك فليتهيئوا لعلاقات أسوأ مع الرياض، هذه العلاقات ستنتج فتنة مذهبية جديدة كتلك التي حدثت في الأنبار عندما حركتها الرياض ضد نوري المالكي في ذاك الوقت.
لكن الخوف الأكبر هو أن لا تكتفي الرياض بتلك الفتنة، بل تحولها إلى حرب أهلية شبيهة بما يحدث في سوريا أكثر من أي وقت مضى، بحيث تعمد إلى تقسيم جماعاتها المتطرفة التي ترسلها إلى المنطقة ليكون جزء منها مخصص للعراق كي ينشط فيه، لم لا فإن استراتيجية خلط الأوراق وإشعال جبهات متعددة باتت علامة فارقة للنظام السعودي، وطالما أن الأميركي متواجد هناك بقوة فلا خوف من أي غباء سعودي لأن واشنطن ستعمل على معالجته.
النوايا السعودية تجاه العراق والموقف التصعيدي الأخير ضد احتجاج العراق على تدخل السفير السعودي، هو بسبب الخيبة السعودية لما يحدث في سوريا من تقدم للمحور السوري ـ الروسي ـ الإيراني، إضافةً إلى الفشل المستمر في الحرب على اليمن، لذلك فقد أرادت تعويض فشلها ذلك على الساحة العراقية مجدداً.