تبطأت معركة الحسم في أيمن الموصل، سيما بعد تفجير مسجد النوري ومنارته الحدباء، الامر الذي اعطى رسالة واضحة للقوات الأمنية ان تنظيم داعش مستعد لفعل اي شيء دفاعا عن موقعه، حتى على حساب مئة الف مدني ما زالوا عالقين في المدينة القديمة.
مصادر وتسريبات اشارت الى أن إطلاق الهجوم على المدينة القديمة خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان جاء بإلحاح من جهات حكومية مدنية على القيادات العسكرية، لحسم المعركة تزامنا مع عيد الفطر، وهو ما كان سيضفي رمزية على الحدث، لكن الجهات العسكرية كانت تتوجس من احتمال قيام داعش بتفخيخ المباني وتفجيرها على من فيها، في محاولة مُستميتة منه للدفاع عن مواقعه في المدينة القديمة، وهو ما تحقّق بالفعل بتفجير المسجد ومنارته ذات القيمة التاريخية.
عملية تفجير المسجد هزت الرأي العام المحلّي والدولي، فقد أدانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، تدمير المئذنة التي كانت تُشاهَد من أغلب أنحاء مدينة الموصل، والقائمة هناك منذ 850 عاما.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا رافينا شامداساني إن هذا التفجير يرقى ربما إلى جريمة حرب.
وينقل بعض من نجحوا في الفرار من أسْر داعش في الموصل روايات مروّعة عن حالة الرعب الشديد التي يعيشها المدنيون، سيما الأطفال منهم، والتي تجسّدها نوبات الصراخ الحادّ التي تتفجّر من حين لآخر على وقع أصوات تبادل إطلاق النار بين القوات الامنية ومسلحي داعش .
كما يتحدّث هؤلاء عن ظروف لاانسانية يعيشها الأهالي بسبب انعدام كل مقوّمات العيش من ماء وغذاء ودواء، وصلت حدّ أكل أوراق الأشجار.
وتدفع تلك الظروف بالعديد من الأهالي إلى مغامرة الخروج من غرب الموصل، لكنّ الكثير من هؤلاء يقعون في كمائن داعش ويكون مصيرهم الموت المحتوم، وهو ماجرى عندما فجر انتحاري نفسه الجمعة الماضية وسط مدنيين نازحين من المدينة القديمة، أسفر عن سقوط 12 قتيلا على الأقل.
وتقدّر منظمات إنسانية، عدد المدنيين العالقين في المدينة القديمة بأكثر من مئة ألف شخص، والذين ما زال التنظيم يستخدمهم كدروع بشرية.