لعل الرئيس الاميركي دونالد ترامب، يرغب بإعادة الاوضاع في المنطقة الى ما قبل 2011، وخاصة انه على استعداد لسحب قواته من سوريا الامر الذي يشكل اعترافا بفشل المؤامرة ضد سوريا، وبالتالي القبول بعودة المنطقة الى ما كانت عليه قبل 2011، بما تشمله ملفاتها من تأثير ايراني متنامي وازدياد في التغلغل الروسي بالمنطقة.
ولكن ترامب واهم بشأن عودة اوضاع المنطقة الى ما كانت عليه، قبل الاتفاق النووي، وقبل الحرب على سوريا، فالامر ليس لعبة اطفال يمكن الخروج منها وفق مزاجهم او لخبطتها متى شاؤوا، والعودة متى شاؤوا، فهي أشبه بكرات متدحرجة يدفع بعضها بعضها الى ان تتخذ وضعا متوازنا.
ومنذ اعتلائه سدة الرئاسة في البيت الابيض، اصطبغت هذه الفترة بتصرفات يمكننا ان نطلق عليها ميزة “التخبطات الترامبية”، فمن انسحاب أحادي من الاتفاق النووي مع ايران، إلى حرب تجارية وتقنية على الصين لمنعها من تبوئ مكانة اميركا كقوة اقتصادية اولى، الى ضغوط على روسيا لمنع ازدياد نفوذها على الصعيدين الاقليمي والدولي، وفيما بين ذلك تصعيد مع كوريا الشمالية وضغوط على ايران، لجرها الى طاولة المفاوضات، من اجل التوصل الى اتفاق على مقاس ترامب.
فإلى اين يمضي ترامب في تخبطه؟ وما السبب في هذا التخبط؟ برأي الكثير من المحللين ان السبب في هذا التخبط يعود الى عدم فهم ترامب للسياسة، ودخوله للسياسة من باب التجارة، فهو ينظر الى الملفات السياسية نظرة التاجر، الذي من طبيعته ان يوزع صفقاته واستثماراته في العديد من السلات، لموازنة المحصلة بين الربح والخسارة. ولكن هذا لا ينجح في السياسة. ورغم قوة اميركا واعتبارها القوة الاقتصادية والعسكرية الاولى في العالم، لكن سيأتي يوم يجر فيه ترامب اميركا الى مرتبة دون الصين وروسيا، او قد يتنبه عقلاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري، سواء كانوا اعضاء في الكونغرس وغيرها من مؤسسات القرار، لخطر ترامب على اميركا ويعملوا على عزله، ورغم انه في الوقت الحاضر هناك اغلبية لدى الحزب الديمقراطي وقلة في الحزب الجمهوري تعارض ترامب، ولكن هذه المعارضة ستتسع، وأقل ما يمكنهم فعله هو عدم اعادة انتخابه، هذا اذا لم يقدم الى المحاكمة او يتم عزله.