أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن المعركة الحقيقية كانت وما زالت هي مع الحكومات الأميركية المتعاقبة، والكيان “الاسرائيلي” هو في الجبهة الأمامية، وشدد على أن “من يراهن أنه من خلال الحروب العسكرية أو الاغتيالات أو العقوبات والتجويع أن يغير في موقفنا هو مخطئ ويجب أن ييأس من امكانية حصول ذلك”، وبيّن مواطن الاخفاقات والفشل التي أصابت المحور الأميركي الصهيوني في المنطقة وخصوصاً في وجه إيران.
وفيما أكد سماحته أننا ذاهبون الى وضع دولي واقليمي جديد وقد تنشأ فيه تهديدات لم تكن موجودة في السابق، لفت إلى أن أركان صفقة القرن أي ترامب ونتنياهو وبن سلمان يعيشون أزمات مختلفة، وطمأن أن الأفق أمام محور المقاومة يدعو الى التفاؤل، وشدد على أن المطلوب اليوم تعزيز الصمود واستكمال تعاظم القدرات في كل محور المقاومة.
وفي كلمة له بمناسبة يوم القدس العالمي الجمعة 22/5/2020 في 28 رمضان جاء فيها:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبيّنا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.
مجدداً تقبل الله صيامكم وقيامكم وبارك لكم في أيامكم ولياليكم وبقية شهركم العظيم هذا.
نلتقي اليوم في هذا الوقت للحديث في إطار مناسبة رئيسية هي يوم القدس العالمي، الذي كان قد أعلنه الإمام الخميني قدس سره ورضوان الله تعالى عليه، في سنة 1979 بعد انتصار الثورة الاسلامية في إيران، عندما اعتبر آخر يوم جمعة من شهر رمضان من كل عام يوماً عالمياً للقدس.
أيضاً لدينا ذكرى النكبة في شهر أيار، نكبة فلسطين قبل 72 عاماً والتي أدت إلى تشريد مئات آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، من ديارهم وقراهم داخل فلسطين وخارج فلسطين، وأسست للاسف الشديد لقيام هذا الكيان الشيطاني الغاصب، الظالم، جرثومة الفساد، الغدة السرطانية، الشر المطلق، وكل نتائج وتداعيات وجود هذا الكيان في قلب هذه المنطقة.
إذاً لدينا هذه الذكرى أيضاً ولدينا ذكرى عيد المقاومة والتحرير في 25 أيار، الذكرى العشرين. الآن نحن في الذكرى العشرين لهذا الانتصار التاريخي الذي أسس لتحولات كبرى في المنطقة وفي داخل فلسطين المحتلة والذي كان انتصاراً كبيراً جداً على طريق القدس، وعلى طريق تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني.
طبعاً حديثي اليوم يتركز على مناسبة يوم القدس وتلك المناسبتين تدخلا عليه بشكل أو بآخر. التركيز على موضوع مناسبة عيد المقاومة والتحرير وما يرتبط بالجانب اللبناني، في هذه المعادلة سأشير إليه ولكن سنتحدث عنه أكثر ان شاء الله في الأيام القليلة المقبلة.
حديثي في مناسبة يوم القدس سيكون في قسمين:
القسم الأول: تأكيد وتذكير بمجموعة من الأصول والثوابت، في هذه المعركة، في هذا الصراع القائم.
القسم الثاني هو إطلالة على الوضع القائم منذ عام إلى اليوم، من يوم القدس السابق إلى يوم القدس الحالي، في قراءة للبيئة الاستراتيجية في المنطقة، طبعاً من زاوية الصراع مع العدو الاسرائيلي والأمور التي يجب أن نحدد موقفنا منها ونرسم مسارنا في المدى القريب، والمسؤوليات الملقاة على عاتقنا جميعا.
في القسم الأول:
النقطة الأولى، الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه، عندما أعلن يوم القدس بعد انتصار الثورة الاسلامية في إيران، في الحقيقة جاء هذا الإعلان في قمة الموقف، وتصاعد موقف الامام من قضية فلسطين والقدس والصراع مع العدو الصهيوني، وجاءت تتويجاً لمسار طويل من الجهاد والنضال والموقف السياسي والشرعي في هذه القضية. حيث كان للامام الخميني رضوان الله تعالى عليه فتواه ومواقفه، وكانت بياناته واضحة وحاضرة وقوية منذ البدايات، منذ بدايات تصديه للمسؤولية في بداية الستينات في مدينة قم المقدسة، وفي الأساس في مواجهة شاه إيران في ذلك الوقت. ومن الاشكالات الرئيسية أو القضايا الأساسية التي أثارها الإمام الخميني في المعركة والمواجهة مع الشاه كانت خضوعه للأمريكيين وعلاقاته بـ “اسرائيل”، اعترافه بوجود “اسرائيل”، العلاقة مع “إسرائيل”، المساعدات التي كان يقدمها الشاه لـ “اسرائيل” وفي ذلك الوقت كان الشاه حليف العديد من دول الخليج والأنظمة العربية.
في كل الأحوال، بداية المعركة مع الشاه، من عناوينها الكبرى كان موضوع فلسطين والقدس و”إسرائيل” والخضوع للارادة الأمريكية.
الامام من خلال هذا الإعلان أيضاً هو يتوج موقف لعشرات السنين منذ بدايات النكبة وما جرى على الشعب الفلسطيني وقيام هذا الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة، موقف مراجعنا، مرجعياتنا الدينية، وأنا لي غرض من هذا السرد المختصر من هذا الصراع ومن هذا الكيان منذ البداية، سواء المرجعيات الدينية الكبرى المعروفة وغير المعروفة في النجف الأشرف في العراق، أو في قم المقدسة في إيران، أو في أي مكان آخر، لكن هذين المركزين الرئيسيين، المراجع السابقون وصولاً إلى المراجع الحاليين، دون أن أدخل في الأسماء لأن اللائحة طويلة جدا كان لهم موقف واضح وحاسم وبيّن ولا غبار عليه ولا تردد فيه، حول موضوع فلسطين وإسرائيل: فلسطين هي ملك الشعب الفلسطيني، يجب أن تعود للشعب الفلسطيني من البحر إلى النهر، “إسرائيل” كيان غير شرعي، كيان غاصب مغتصب، محتل، ويجب أن يزول من الوجود، لا معنى لبقائه، لا شرعية لبقائه، ونحن هنا لا نتحدث عن القاء أحد في البحر وإنما دائما نقول على الذين جاءوا إلى فلسطين المحتلة بالطائرات وبالسفن وبالقوافل الذين جيء بهم من كل مكان عليهم أن يرحلوا ويعودوا إلى البلدان التي جاءوا منها والسلام.
إذا الموقف الشرعي من موضوع القضية الفلسطينية الشعب الفلسطيني، فلسطين، الكيان الغاصب هي مسألة حاسمة وواضحة وثابتة وراسخة ولا يمكن أن تتبدل.
وأقول لي غرض من هذا السرد.
أيضا نحن في لبنان أجيالنا بالحد الأدنى إن بدأنا من آبائنا، أجدادنا، أنا أتحدث مثلاً جدي، والدي، أنا وثم أولادنا وأحفادنا بالحد الأدنى بالأربعينات نحن أيضا تربّينا على هذا الموقف. من زمن السيد عبد الحسين شرف الدين، إلى زمن االامام السيد محسن الأمين في الأربعينات في الخمسينات إلى الامام السيد موسى الصدر الأمام المغيب أعاده الله ورفيقيه وأخويه الكريمين بخير، كان لديه موقف واضح وصلب أيضاً “اسرائيل شر مطلق” “التعامل مع اسرائيل حرام”، وأسس للمقاومة الميدانية الشعبية الحقيقية في المواجهة.
أيضا بعد ذلك، معه وبعد تغييبه، علماؤنا الكبار في لبنان، وفي مقدمهم آية الله السيد محمد حسين فضل الله، السيد محمد حسين فضل الله رضوان الله عليه، آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين رضوان الله تعالى عليه. هذا كان موقف أجيالنا التي تربت على هذا الموقف.
أنا أريد أن أصل إلى النقطة التالية ومازلنا إلى الآن مع سماحة الإمام الخامنئي وسمعنا خطابه اليوم مع فتاوى، ومواقف وبيانات، مراجعنا الكبار وعلماءنا الكبار في كل انحاء العالم، أريد أن أصل إلى هذه النقطة في يوم القدس وهي النقطة الأولى لأقول ان موقفنا من قضية فلسطين والقدس والمقدسات في فلسطين وشعب فلسطين والكيان الغاصب هو موقف عقائدي، إيماني، ديني، فقهي، شرعي، حقوقي، إضافة إلى كونه موقف انساني، إلى كونه موقفا انسانياً موقفاً أخلاقياً، وهذا يعني أن هذا الموقف غير قابل للتبديل ولا للمقايضة ولا للتفاوض ولا للتناسي ولا للتغافل، نحن نتحدث عن موقف هو جزء من إيماننا والتزامنا وعقديتنا وديننا وصلاتنا وصومنا وجهادنا وشهر رمضان وتلاوة القرآن في شهر رمضان والصيام بشهر رمضان، ولذلك من يراهن أنه من خلال الحروب أو من خلال الحروب العسكرية، أو الاغتيالات الأمنية، أو الحروب النفسية، أو العقوبات، أو التجويع، أو التهويل أو التضليل أو أو أو أي شيئ يخطر في البال أنه يمكن أن يغيّر في هذا الموقف، هو مشتبه ومخطئ ويجب أن ييأس من امكانية حصول ذلك.
وإذا كان البعض يظن أن المقاومة في لبنان أو في فلسطين أو ما يجري اليوم في الساحة هو عبارة عن حماس ثوري شبابي ينتهي عندما تشيب اللحا ويكبر الجيل هو مشتبه، هذا أمر عقائدي، وديني، وإيماني، ينتقل من جيل إلى جيل، ويستمر مع الانسان حتى لحظة الموت أو الشهادة أو إذا كان البعض يتصور ان هذا هو موقف للمجاملة وله أمد وسقف زمني أو أنه موقف للتوظيف السياسي فعندما تتحقق المصالح السياسية ينتهي كل هذا خطأ. لا هو مجاملة، ولا هو حالة حماسة عاطفية، ولا هو مكسب سياسي آني، ولا شيئ. التأكيد على حقيقة الموقف العقائدي والإيماني من قضية فلسطين ومن العدو الإسرائيلي ومن المشروع الصهيوني وهذه هي الخلفية الحقيقية للمقاومة التي تدافع عن أوطانها وعن شعوبها وعن مقدساتها.
النقطة الثانية:
بالثوابت التي يجب أيضاً في ثقافتنا أن نذكّر بها وأن نؤكد عليها، أن الحق لا يتغيّر، لا يسقط بتقادم الزمن. السرقة، ما أخذ بالسرقة وبالإغتصاب وباللصوصية لا يصبح ملكاً شرعياً بتقادم الزمن، هذا أيضاً يجب أن نؤكد عليه ولو اعترف كل العالم بملكية اللص لما سرقه أو المغتصب بما اغتصبه من أملاك ومقدسات الآخرين. في حقيقة الحق هذا أمر لا يتغير ولا يتبدل.
أنا أذكر قبل حرب تموز عندما كنت التقي بصحافيين أجانب ويناقشونني في الموقف من وجود الكيان الإسرائيلي وهم يستغربوا هذا الموقف، أنا كنت أقول لهم أنت لديك بيت، مثلاً فيلا وحديقة وتجلس أنت وعائلتك، جاء واحد حمل سلاحاً وهددك وقتل ابنك وأخرجك من دارك ورماك في الشارع، رماك في الطريق، أنت تعتبر هذا البيت بيتك وهذا الحق حقك، طيب، بعد عشر سنوات، عشرين سنة، ثلاثين سنة أربعين سنة هل تعتبر هذا البيت أصبح ملكا لمن اغتصبه؟ قال: لا. قلت له الجيران ربما في المرحلة الأولى يقاطعوه، لاحقا نتيجة اعتبارات معينة يلتقوا هم مع هذا المغتصب ويتعايشوا معه ويطبعوا حياتهم معه، لكن أنت بنظرك هذا البيت ملك لك أو ملك لمن اغتصبه؟ قال لا، هو ملك لي لو بعد مئة سنة ومئتي سنة يبقى ملك لي، قلت هذه قضية فلسطين.
هو بيت الشعب الفلسطيني، ملك الشعب الفلسطيني، جاء من اغتصبه بالإرهاب والمجازر والقتل والترويع، وألقى به في الطريق، مئة سنة أو مئتي سنة، لو جاءت كل الأمم المتحدة وكل دول وحكومات العالم وكل شعوب العالم واعترفت بأرض فلسطين أرضاً شرعية لكيان اسمه “إسرائيل” هذا لا يجعل الباطل حقاً على الإطلاق ولا ينتقص شيئاً من حق وملك وأحقية وعدالة قضية الشعب الفلسطيني في هذه المسألة.
النقطة الثالثة، لا يحق لأي أحد سواءً كان فلسطينياً أو عربياً مسلماً أو مسيحياً أن يَهب فلسطين أو جزءاً من فلسطين أو القدس أو جزءاً من القدس للصهياينة أو لأي أحد آخر، لغير أهلها، هذه مقدسات الأمة، وهذه الأرض هي ملكٌ للشعب الفلسطيني، وهي ليست ملكاً للجيل الحالي من الشعب الفلسطيني، هي ملك للجيل الحالي وللأجيال المقبلة، ولا يوجد أحد لديه تفويض من الشعب الفلسطيني ومن أجياله المقبلة، ولا يوجد أحد لديه تفويض من قبل الأمة في مقدساتها بأن يَهب ما لا يملك وما لا يملك فيه تفويضاً للصهاينة تحت أي عنوان من العناوين، هذه من الثوابت الحاسمة.
رابعاً: مسؤولية إستعادة المقدسات والأرض والحقوق هي مسؤولية الشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى، لأنها أرضه وهو المؤتمن على القدس وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية، ولكنها أيضاً مسؤولية الأمة، ويوم القيامة الكل سيسأل عن أدائه وقيامه بهذه المسؤولية، يمكن أن يكون هناك اليوم الكثير من الناس في شهر رمضان يصوموا ويُصلوا ويقرأوا القرآن وفي الليل يقعدون ويحاسبون أنفسهم، في يوم القيامة عندما نقعد بين يدي الله سبحانه وتعالى ويريد أن يحاسبنا ويأتي بكتاب الأعمال ويريد أن يسألنا عن أكلنا وشربنا وشبابنا وبيوتنا وعائلاتنا وموقفنا وتجارتنا وزراعتنا وصناعتنا وغيبتنا وصدقنا وكذبنا وغشنا وأمانتنا … الخ.
يمكن أن يتجاهلوا أو ينسوا أو يغفلوا، من جملة الأمور التي سوف يسألنا الله عنه أرضنا المحتلة ومقدساتنا وشعبنا المظلوم والقيادي في الشارع منذ أكثر من 72 عاماً، والمقدسات كما قلت، وكيان يُهدد المنطقة كلها، كل شعوب المنطقة وكل حكومات المنطقة، بكراماتها وحريتها ودمائها وأعراضها وأموالها، الله سوف يسألنا ماذا فعلتم في مواجهة هذا الكيان وهذا المشروع وهذا الإحتلال وهذه النكبة وهذه الكارثة وهذا الإغتصاب؟ وعلينا أن نُعد الجواب في يوم الحساب.
خامساً: المقاومة بكل أشكالها هي وحدها السبيل لتحرير الأرض والمقدسات وإستعادة الحقوق، وكل الطرق الأخرى مضيعةٌ للوقت وتفويت للفرص، ولا تؤدي إلا إلى طريقٍ مسدود، كما بالفعل وصلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الأميركية إلى طريقٍ مسدود، وهذا ما نَشهد شواهده القوية هذه الأيام.
سادساً: معارك التحرير طوال التاريخ، لا يُنجز التحرير في سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات، معارك التحرير طوال التاريخ والمقاومات الشعبية طوال التاريخ كانت تستلزم سنوات طويلة، يمكن جيل أو أكثر من جيل، الأجيال، الإحتلال لبعض الدول وبعض البلدان كان يستمر أحياناً لعشرات السنين أو مئة سنة أو مئتي سنة أو أكثر أو أقل، وبالتالي طول زمن المعركة لا يجوز أن يكون سبباً لليأس، ولا تبريراً للعجز، على الإطلاق، الأجيال يجب أن تحمل هذه المسؤولية ، والراية يجب أن تنتقل من جيل إلى جيل، ويجب أن تتواصل المقاومة.
الجيل المعاصر إذا كان يَشعر أنه غير قادرٍ على تحقيق الإنتصار، أو على ممارسة المقاومة الميدانية الفعلية والإيجابية والجدية، في الحد الأدنى عليه أن لا يستسلم، عليه أن لا يُشرّع الإحتلال، عليه أن لا يعترف بالإحتلال، عليه أن لا يُوقع صك الإعدام والتخلي عن الأرض وعن المقدسات، فقط نُسمي المقاومة السلبية، وكثير من الشعوب في التاريخ مارست المقاومة السلبية، عدم الإستسلام وعدم الشرعنة وعدم الإعتراف، حتى لو أنه لم يٌقاتل ولم يتظاهر ولم يعتصم ولم يخطب و..، فقط بقي سلبي إزاء الإحتلال، لم يستسلم له ولم يعترف به ولم يُسلم له ولم يُوقع له، ويترك هذا الأمر للجيل الآتي، بل يكون الجيل الآتي يملك الإرادة أو الإمكانات، وقد تتوفر له الظروف المحلية أو الإقليمية أو الدولية التي تُمكنه من إطلاق مقاومة جادة ومن تحقيق النصر، الظروف والإمكانات، الضعف والخلل وتخلي الآخرين والأوضاع الصعبة وقوة العدو، كل هذا لا يجوز أن يكون سبباً وليس حجةً لا إنسانية ولا أخلاقية ولا قانونية ولا شرعية أمام أحد ليتخذها حجةً للإستسلام ولشرعنة الإحتلال وتكريس الإحتلال، وإنما تبقى مسؤولية المقاومة لتنتقل من جيل إلى جيل.
سابعاً: هزيمة قوى الإحتلال أيضاً طوال التاريخ،لأننا جزء من هذا التاريخ، جزء من السنن، هي تجري علينا القوانين الحاكمة في التاريخ وفي المجتمعات البشرية، توجد الكثير من قوى الإحتلال التي إحتلت ثم هُزمت، طبعاً تُهزم لأسباب، يُمكن أن يكون من الأسباب أنه في الأرض التي إحتلتها قام شعب هذا البلد بالمقاومة وبإستنزاف جيش الإحتلال، خسائر بشرية وخسائر مادية وضغط نفسي، وصل إلى محل أن البقاء هو غير مُجدي وأن البقاء مُكلف، وأن البقاء له تبعات، يُمكن أن تحدث ضغوط داخلية في داخل دولة الإحتلال، أتكلم بشكل عام، مما يؤدي إلى خروجه، وهذا له نماذج معاصرة، حتى لا نأتي بنماذج من التاريخ، فيتنام وجنوب لبنان في 25 أيار2000 وقطاع غزة هذه شواهد معاصرة، الإسرائيلي اضطر أن يطلع من أرضنا نتيجة الإستنزاف والعمليات، هكذا حصل في الجنوب وهكذا حصل في غزة، العمليات الإستشهادية والعمليات اليومية رأى الإحتلال أن هذا الأمر مُكلف وله ثمن، وحصل جدال داخلي وضغط داخلي وقناعة عند قيادة العدو وكيان العدو أنه لا جدوى من البقاء، أعباء البقاء كبيرة جداً فحمل نفسه ومشى.
هناك سبب آخر أحياناً قد يكون سبب وقد يكون العامل لخروج قوات الإحتلال من أرضٍ محتلة، هو تداعيات في دولة المركز، يعني حتى أذهب إلى المثل مباشرةً، مثلاً الإمبراطورية الرومانية أو الإمبراطوريات المشابهة كانت تحتل دول ما شاء الله، لكن عندما حصل الوهن في روما، الإنقسامات والإغتيالات والقتل والفساد والإنهيار، إنهارت دولة المركز وضعفت وتآكلت دولة المركز، لم يعد له خيار سوى أن يسحب جيوشه من الدول التي كان يحتلها ويُسيطر عليها، الآن لا مانع من أن يَجتمع السببان، أنه في اللحظة التي شعرت فيها الشعوب بضعف المركز قامت وثارت على جيوشه في البلدان المتنوعة والمتعددة فسرّع ذلك لإنسحابه، وهذا هو عادةً السبب الأساسي في إنسحاب الإمبراطوريات الكبرى التي كانت تحتل دولاً بأجمعها.
هذا الأمر بالنسبة لكيان العدو يُمكن أن يحصل، ويُمكن أن تجتمع هذه الأسباب على كيان العدو في يومٍ من الأيام، الإستنزاف الدائم والأوضاع الداخلية، الصراعات الداخلية في كيان العدو، والتي نشهدها وتتعاظم سياسياً وأ|يضاً على مستوى الإنتماءات المذهبية أو العرقية أو الجغرافية أو ما شاكل..، الفساد وصولاً إلى قمة الهرم وضعية جيش العدو ومعنويات جيش العدو والظروف الداخلية التي يعيشها، إذاً يوجد شيء له علاقة بالعدو ويوجد شيء له علاقة بدولة المركز، المركز الحالي والداعم لهذا الكيان هو الولايات المتحدة الأميركية.
وبالتالي، نعم يُمكن السنة ويمكن بعد خمس سنوات أو عشر سنوات أو عشرين سنة أو ثلاثين سنة الله أعلم، الله أعلم، لكن مسار الأمور، نعم، التاريخ يقول هذا، والقوانين تقول هذا، والتطورات تقول هذا، وجود شعوب حيّة ومقاومة لم تستسلم ولم تُسقط الراية من يدها بالرغم من كل التضحيات، التجارب تقول هذا، أنه يمكن هذا الأمر أن يحصل في أي وقتٍ من الأوقات، وهذا الأمر سيحصل قطعاً، المسألة هي مسألة وقت.
النقطة التي تليها في هذا القسم وهي النقطة ما قبل الأخيرة، أنه نحن اليوم معركتنا في الحقيقة يجب أن نكون واضحين هي مع من؟ يعني من الذي يقف في الجبهة الأخرى؟ عندما كنا نُقاتل الإحتلال الإسرائيلي في لبنان، في الحقيقة نحن من كنا نُقاتل؟ الشعب الفلسطيني منذ 72 سنة إلى اليوم يُقاتل ويُناضل ويقاوم ويواجه بشتى أنواع المقاومة الشاملة، هو في الحقيقة في وجه من يقف ومن يقاتل؟ الصورة البسيطة الظاهرية أن الجبهة هي مع إسرائيل، مع العدو الإسرائيلي، مع الجيش الإسرائيلي، مع الحكومة الإسرائيلية، لكن النظرة العميقة تقول غير ذلك، تقول أن المعركة الحقيقية هي مع الولايات المتحدة الأميركية، “إسرائيل” هي جزء من جبهة المعركة الأميركية، هي الثكنة المتقدمة، هي الخط الأمامي، هي الجبهة الأمامية، لكن المعركة الحقيقية كانت وما زالت هي مع الولايات المتحدة الأميركية، مع الحكومات الأميركية المتعاقبة، هذا المفهوم وهذه النظرة البعض طبعاً يَقبل بها، والذي لا يًقبل بها يجب أن يُعيد النظر، ومن يَقبل بها البعض يَقبل بها ضمناً ولكن يتصرف بطريقة مختلفة، لكن هذه هي الحقيقة، مثلاً في لبنان، وفي فلسطين وفي هذا الصراع، من الذي يدعم إسرائيل؟ عسكرياً، السلاح هو أعظم وأحدث التكنولوجيا، أميركا تعطي طائرات وتكنولوجيا عسكرية إلى إسرائيل لا تًعطيها لأيٍ من حلفائها في العالم، في الموضوع الأمني والمعلوماتي والسيطرة الأمنية، وفي الدعم المالي وفي الدعم الإقتصادي، المساعدات التي تُقدمها وما زالت بمليارات الدولارات سنوياً، تتحنن والله للبنان مئة مليون دولار للجيش اللبناني أو مئة وعشرين أو أكثر أو أقل، بالأردن يدفعوا فلسين وبمصر يدفعوا فلسين، لكن الأموال الطائلة تُعطى لإسرائيل، التعاون العسكري والمناورات المشتركة مع جيش العدو الإسرائيلي، والأهم تسخير كل النفوذ السياسي الأميركي في العالم لمصلحة “إسرائيل” وتثبيت “إسرائيل” وشرعنة “إسرائيل” وتفوق “إسرائيل” على كل الدول العربية والإسلامية وشعوب المنطقة.
نحن في لبنان أميركا كانت لا تسمح حتى بإدانة العدوان والإحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، تضع “تحط” فيتو على إدانة مجزرة قانا، وعلى أي جريمة ترتكبها “إسرائيل” في لبنان، حتى إدانة ممنوع أن تُدان إسرائيل، والعامل الأساسي هو أميركا، أميركا تُوظف كل علاقاتها الدولية وعلاقاتها مع دول الإقليم لمصلحة إسرائيل، مع الأنظمة الآن، لأن هذا يُدخلنا فيما بعد على حكاية التطبيع، مع الأنظمة، أنت تريد أن تُصبح ملك؟، ماذا سوف تفعل لإسرائيل؟ يجب أن يُقدم برنامج عمل، خدمات لإسرائيل، للتطبيع مع إسرائيل، لتثبيت وجود إسرائيل، لتقوية إسرائيل، لدفع الأخطار عن إسرائيل، أنت ملك أو أمير أو زعيم أو رئيس تريد أن تبق؟ ما هو الشيء الذي تريد أن تُقدمه إلى إسرائيل؟ التقرب إلى أميركا صار بوابته إسرائيل، من الذي عمل هذه البوابة؟ أميركا نفسها، منذ مدة قريبة مثلاً السودان مجلس السيادة السوداني يريد أن يشتغل كي ترفع العقوبات عن السودان أو يتم رفع أو إلغاء أو شطب السودان من لائحة الإرهاب الأميركية، ما هي البوابة؟ يجب أن تذهب ” تبرم”مع نتنياهو، تقعد مع نتنياهو أهلاً وسهلاً بك نأتي ونتكلم معك، نتنياهو على طريقة وزير الدفاع عندما تكلمت في المرة الماضية عن سوريا وزير الحرب الإسرائيلي أنه يُقدم إنجازات كاذبة للجمهور الإسرائيلي، نتنياهو مثله، يعني نتنياهو اليوم هو يُقدم أن بعض التطبيع الذي يحدث مع بعض الزعماء العرب أو بعض دول العرب أو بعض دول الخليج أن هذه نتيجة حنكته وسياساته وقيادته، هذا طبعاً تضليل للرأي العام، هذا نتيجة وهن هذه الحكومات وهؤلاء القادة، ونتيجة الإرادة الأميركية، أميركا تريد من هذا الملك ومن هذا الأمير ومن هذا الشيخ ومن هذا الرئيس ومن هذا الزعيم أن يتقرب من إسرائيل وأن يُطبّع مع إسرائيل، حيث أن رئيس حكومة العدو الآن هو نتنياهو فيجب أن تقعد مع نتنياهو، لو أن رئيس حكومة العدو شخص غير نتنياهو فيجب أن تقعد مع هذا الشخص الذي هو غير نتيناهو، على كلٍ أميركا تُسخّر نفوذها وعلاقاتها الدولية وقوتها وقدرتها وكل ما تملك في العالم من أجل تثبيت إسرائيل وتقوية إسرائيل وتفوق إسرائيل، وتفرض ذلك على الحكومات والأنظمة العربية ، إذاً المعركة الحقيقية مع الإدارة الأميركية وليس فقط مع هذا الكيان، أميركا تشن الحروب في المنطقة لمصلحة تثبيت إسرائيل ودفع الأخطار عنها، أميركا تدعم وتدفع بإتجاه حروب في المنطقة من أجل الدفاع عن إسرائيل وتثبيت إسرائيل، حرب صدام حسين على الجمهورية الإسلامية 8 سنوات، اليوم الحرب في اليمن، الحروب الموجودة في منطقتنا بتفعيل وتمويل وضغط ومتابعة ودعم أميركي، أحد أهدافها الكبرى هو حماية إسرائيل بسبب التحولات الكبرى لمصلحة المقاومة وثقافتها وإرادتها وفكرة المقاومة في منطقتنا خصوصاً في العقود الماضية، بعد إنتصار الثورة الإسلامية في إيران، وإنتصار لبنان وغزة والتحولات الموجودة في منطقتنا، إذاً العدو الذي نقاتله في الحقيقة هم الأميركان، الان أحياناً نحن وإياهم لا “نتقاوص” ولا نطلق النار على بعضنا بشكل مباشر في بعض الجبهات، لكن في مجمل المعركة في مجمل الجبهة هذه هي الحقيقة، طبعاً، أنا لا أقول ذلك لأصعّب المعركة، كلا، أنا أقول ذلك لأوصّف حقيقة المعركة ونصوّب المسار ولنقول أن المعركة نعم صعبة وأن المعركة طويلة وأنها تحتاج إلى زمن وتحتاج إلى تضحيات ولكن أيضاَ لنضيء على حجم الصمود في محور المقاومة، دول وحكومات وشعوب وقوى وفصائل على حجم الإنجازات وعلى حجم الإنتصارات، لان المعركة إما تكون مع “إسرائيل” الموجودة في فلسطٍين المحتلة كدولة إقليمية قوية والمعركة طرفها القوة العظمى الاولى في العالم وهذا يختلف كثيراً بتقييم الإنجازات والإنتصارات وتقييم التضحيات وتقييم وتحديد الفرص والتهديدات وقراءة البيئة الإستراتيجية.
النقطة الأخيرة في القسم الاول، هو الإشارة الى أنه في توصيف الواقع الحالي فإن المشروع الحقيقي الان بدأ واضحاً، خصوصاً بعد إعلان صفقة القرن، أن المشروع الإسرائيلي الأميركي الحقيقي في الموضوع الفلسطيني هو ليس قيام دولتين ولا قيام دولة فلسطينية بمعزل عن طبيعة وحدود وماهية هذه الدولة الفلسطينية وإنما بعد ضم القدس والجولان والان الإتجاه نحو ضم أجزاء من الضفة الغربية مما سيمهد لضم الضفة الغربية كاملاً، وأيضاً الإتجاه إلى ضم أغوار الأردن، هذا يعني أن الإسرائيلي يسير بإتجاه السيطرة الكاملة والضم الكامل لكل الأراضي العربية المحتلة في فلسطين، أو الجولان أو بقية الأرض اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر وأقصى ما يمكن أن يقبل به للفلسطينيين هو حكم ذاتي إداري محدود وهذا ما يجب أن يبنى عليه في الموقف الأتي الان من قبل الفلسطينيين ومن قبل أطراف الأمة.
ننتقل إلى القسم الثاني لنتكلم عن البيئة، إذا في النقاط الأولى نحن ثبتنا أصول وثوابت ورؤية ووصفنا حقيقة المعركة القائمة، في البيئة الحالية أي بيئة الصراع الحالي، في تصنيف المحاور أو المواقع هناك دول في العالم العربي والإسلامي أصلاً خرجت من المعادلة، يعني لم يعد هذ الصراع وأنا أتكلم كدول وأنظمة، أنا لا أتكلم عن الشعوب الان، كأنظمة هذا الأمر لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد، لا هي في العير ولا في النفير وساكتة، صامتة الخ، ومشغولة بحالها وبأزماتها الإقتصادية والداخلية ومشاكلها أو تتنعم بسلطانها، هناك دول أخرى خرجت من معادلة الصراع مع العدو لكن ليس لتصبح حيادية وغير معنية بل إنتقلت الى موقع من يساعد العدو في هذه المعركة، ولكن يساعده بالطريقة الممكنة والمتاحة، ليس الى حد إرسال قوات مسلحة إلى فلسطين للقتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي، كلا، لكن محاصرة الفلسطينيين ووقف الدعم عن الفلسطينيين، وإعتقال فلسطينيين في البلدان العربية، ووضع حركات المقاومة الفلسطينيية واللبنانية وغيرها على لوائح الإرهاب، الدفاع عن إسرائيل في المحافل الدولية والتصويت لمصلحة إسرائيل في بعض المنظمات الدولية، هذا يحصل، وعلى مدار السنوات الماضية، الشواهد كلها تعرفونها، إذا هناك دول إنتقلت إلى موقع ضمناً في الحقيقة الصديق والمساند لإسرائيل والخصم أو الضاغط والذي يتعاطى بقسوة أو بحدة مع الشعب الفلسطيني، هناك دول ما زالت في قلب المعادلة وفي قلب الصراع لها موقفها الحاسم والواضح والقوي وهي عدد قليل جداً وفي مقدمها الجمهورية الإسلامية في إيران والجمهورية العربية السورية، إذا تكلمنا على مستوى المواقف الحاسمة، يوجد قوى شعبية وحركات مقاومة في اليمن والعراق وأفغانستان وباكستان وبطبيعة الحال في لبنان، شعوبنا في المنطقة وفي البحرين وشمال أفريقيا وبنيجيريا وعلى إمتداد العالم العربي جيد وحاضن وداعم وقوي، لكن عندما نتكلم عن حكومات دول المقاومة وقوى المقاومة نتكلم عن عدد محدود ولكنه ليس ضعيفاً وقوي وكبير ومهم ومؤثر في منطقتنا بشكل أساسي، هذا الذي نسمّيه محور المقاومة في مواجهة المحور الأميركي الإسرئيلي وهنا تأتي الدول العربية تجلس على حياد ودول عربية مساندة بشكل او بآخر للمحور الأميركي الإسرئيلي وأحياناً تقدم له علناً خدمات جليلة كتلك الخدمات التي قدمت للمحور الاميركي الإسرائيلي في سورية أو في العراق أو في اليمن أو في البحرين أو ضد الجمهورية الإسلامية أو في أماكن أخرى أو في لبنان، عندما نأتي إلى هذا الصراع بين هذين المحورين أريد أن أتكلم قليلاً عن بلدان محور المقاومة من الزاوية الإسرائيلية لنقول أن الإسرائيلي والأميركي على ماذا كان يراهن؟ وأين أخفق؟ ومكان إخفاقه. نحن أنجزنا، ونحن إنتصرنا ونحن صمدنا وأنا لا أقول بأنه أخفق لأنه هو لا يعرف أين يدير او لديه ضعف في الإمكانات البشرية أو المادية أو المالية أو الإقتصادية، لأنه إنما هي نتيجة أيضاً الحضور والقوة والتضحيات والصمود والثبات والشهداء والصبر والتحمل في محورنا، وهذا طبعاً وهذه القراءة أريد أن أخلص فيها لنتيجة تضيء لنا المسار وتعطينا الأفق والأمل وتحدد لنا مسؤولياتنا للمرحلة المقبلة، لأن نهاية الطريق هي فلسطين، فأترك فلسطين للآخر وأبدأ من الأبعد، الأبعد جغرافياً، من إيران، في النظرة الأميركية الإسرائيلية، إيران هي مركز الثقل في محور المقاومة، خصوصاً في السنوات الأخيرة وخاصة بعد ما تعرضت سوريا إلى ما تعرضت له، سوريا أيضاً أصبحت بحاجة إلى مساندة الحلفاء في مواجهة الحرب الكونيّة وهذا أكد أن إيران مركز الثقل، ولذلك هي الأكثر إستهدافاً من المحور الأميركي الإسرائيلي، كانت في العام الماضي، لكي لا نتكلم من قبل 40 سنة إلى اليوم، كلا، خلال العام الماضي كان هناك رهانات أميركية إسرائيلية على إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، أو بالحد الأدنى على تغيير سلوك النظام كما يقولون هم، وخاصة في الموضوع الفلسطيني والإسرائيلي، عندما إنسحب ترامب من الإتفاق النووي وأعاد العقوبات، كان يراهن على أن الإنسحاب من الإتفاق النووي سينتج خصاماً كبيراً جداً داخل القوى السياسية في إيران، وستحصل ردة فعل شعبية غاضبة، وستؤدي العقوبات إلى أزمة إقتصادية وإجتماعية ومعيشية، وستنزل الناس إلى الشوراع ودائماً هو كان يتكلم عن المظاهرات بمئات الالاف، وهذا كان فقط في ذهنه وفي هوليوود. وكان يوجد رهان كبير على هذا الموضوع وكلنا نتذكر جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق الذي توّعد بأنه سيقيم عيد الميلاد في طهران في نهاية عام 2019، إنتهى عام 2019 ودخلنا عام 2020 وبولتون ذهب إلى البيت ونظام الجمهورية الإسلامية ما زالت عاصمته طهران. الإسرائيليون راهنوا كثيراً على هذا العمل الأميركي، ونتذكر كيف أن نتنياهو وقادة العدو عملوا بجهد كبير جداً في أميركا من أجل أن تخرج الإدارة الأميركية من الإتفاق النووي ومن أجل أن تعيد فرض العقوبات ومن أجل أن تشدد الحصار على إيران، وهذا كان الخيار الإسرائيلي والرهان الإسرائيلي، واليوم عندما نقرأ كل التقديرات الإستراتيجية الإسرائيلية التي تصدر أخر العام 2019 بداية العام 2020، كلها تجمع على فشل إسرائيلي إستراتيجي في هذا الرهان، نتكلم هنا عن مكامن فشله وخسارته وهزيمته، طبعاً عندما نقول هذا الرهان فشل، هذا نتيجة توحد موقف الجمهورية الإسلامية وصمود القيادة والنظام والشعب وتحمّل العقوبات وتحمّل الأعباء والإصرار على الثوابت والمبادىء والهوية والعزة والسيادة والكرامة الوطنية وما شاكل، في النهاية هذا مدفوع ثمنه غالياً في إيران، دولة غير إيران وقيادة غير إيران ونظام غير إيران كان ممكن أمام حجم العقوبات والضغط الأميركي والغربي أن ينهار، أن يستسلم، أو يغيّر سلوكه، أو يبدّل ويتراجع عن بعض ثوابته، أو يأجّلها مثلاً، إذاً هذا لم يحصل.
من جملة الرهانات الإسرائيلية الفاشلة في الموضوع الإيراني الرهان على حرب أميركية على إيران أو حرب أميركية – إيرانية، كان الإسرئيليون يدفعون بقوة بهذا الإتجاه، لأنه يعتبر إذا شنت حرب على إيران ستدمر إيران، حتى لو بقيت وبقي النظام لكن إيران بحاجة إلى مئة سنة لكي تقف على قدميها وبالتالي ما تستطيع أن تقدّمه من مساندة سياسيّة ومعنويّة وعسكريّة وماديّة للشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة ولحركات المقاومة ضد المشروع الصهيوني كله سيتوقّف، هذا الرهان أيضاً فشل وباءت آمال نتنياهو والقادة الصهاينة بالخيبة. يمكن إرتفع عندهم الأمل بعد عمليّة إغتيال القائدين الكبيرين الحبيبين الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس، عندما جاء الرد الإيراني على عين الاسد بالصواريخ التي ما زالت الإدارة الاميركية تخفي خسائرها، منذ بضعة أيام نزل شيء عن البنتاغون يتكلم عن أعداد قتلى وجرحى، أنا لا أعرف إذا هذا الكلام دقيق أو غير دقيق، لكن الإسرائيلين توقعوا أن هذا سيغضب ترامب بعد إسقاط المسيّرة الأميركية الضخمة في منطقة الخليج، وبعد قصف عين الأسد ويدفعه إلى رد فعل على إيران مما سيجر إيران إلى حرب مع أميركا، وجدوا أن ترامب إنسحب وتراجع، وفي اللحظة الحالية مع كل تهديد وتهويل ترامب، ما يزال الإعتقاد السائد أن أميركا وإيران أبعد ما يكونان عن الحرب نتيجة قوة إيران وخوف أميركا من التورط في حرب غير محسوبة النتائج، إذاً هذا أيضاً رهان إسرائيلي، سقط الإسرائيليون، راهنوا على المجموعات التكفيريّة والإرهابيّة التي نفذت في العام الماضي والأعوام الماضية والان تحاول أن تنفذ عمليات إرهابية داخل إيران، سواء في الحدود الشرقية أو في الحدود الغربية لإيران، الجمهورية الإسلامية واجهت هذا الرهان أي