• img

إيران: لا يمكن للكيان الاسرائيلي أن يكون جزءا في أي إطار للأمن الإقليمي

مايو 21, 2025

الموقع الرسمي ل/كتائب سيد الشهداء/

اكد وزير الخارجية الايراني انه يجب على المجتمع الدولي أن يواجه حقيقة مفادها أن الكيان الذي ينتهك القانون الدولي بشكل منهجي، ويلجأ إلى العسكرة الجامحة، ويتمتع بالإفلات العملي من العقاب، لا يمكن أن يكون له مكان في أي إطار للأمن الإقليمي المستدام.العالم – ايرانوكتب عراقجي، في مقال بعنوان “خلق واقع جديد للمنطقة: نحو استقرار السيادة والتضامن في غرب آسيا”: تمر منطقة غرب آسيا بمرحلة من عدم الاستقرار العميق، بفعل الأزمات المتشابكة والضغوط المتزايدة. تواجه المنطقة تشابكًا معقدًا من عدم الاستقرار الجيوسياسي، وانعدام الأمن المزمن، وتفاقم الأزمات الإنسانية.وان عقود من الصراعات غير المحلولة – تفاقمت بالتدخلات الخارجية والأضرار البيئية – نزحت ملايين البشر وأظلمت الآفاق المستقبلية. شح المياه الناجم عن التغير المناخي، إلى جانب سوء إدارة الموارد، هدد أسس الحياة في العديد من الدول. وفي الوقت ذاته، تفرض أزمة اللاجئين المتصاعدة – الناتجة عن الحروب والانهيار الاقتصادي – ضغوطاً إضافية على المنطقة، مع تداعيات إنسانية عالمية.خلف هذه التحديات الظاهرة، تكمن طبقة أعمق من المعاناة التاريخية والانقسامات السياسية. العلاقات بين الحكومات – التي تشكلت لسنوات تحت ظلال الروايات الخارجية المفروضة – أعاقت مسار الوصول إلى حلول مستدامة وجماعية.يجب أن ينبثق النظام الإقليمي المستدام من الداخلفي كثير من الحالات، تصرفت الجهات الفاعلة الإقليمية برد فعل على الأزمات بدلاً من التأثير في مسار التحولات، مما أدى إلى واقع يبدو مفروضاً أكثر منه نابعاً من الإرادة الجماعية، ومنتجاً لضغوط خارجية أكثر منه نتيجة للحوار واتخاذ القرار المشترك.ولرسم مسار جديد، يجب على المنطقة تجاوز المواقف البالية والافتراضات المستوردة التي لم تعد تعكس تطلعات شعوبها. يجب أن ينبثق النظام الإقليمي المستدام من الداخل، قائماً على الاعتراف المتبادل والحوار الشامل والمسؤولية المشتركة. هذا التحول ليس مثالياً فحسب، بل هو ضرورة سياسية واجتماعية. فالواقع – سواء في غرب آسيا أو في أي مكان آخر في العالم – ليس ثابتاً، بل يُبنى من خلال الفعل والإجماع والتخطيط للمستقبل.حان الوقت الآن لحكومات غرب آسيا أن تستعيد ملكية مستقبلها المشترك. من خلال الانخراط في حوار أصيل وتصميم أطر نابعة من صميم المنطقة، يمكنها أخيراً تجاوز دائرة الصراعات المتكررة والتوجه نحو أفق يقوم على الكرامة والاستدامة والسلام.رداً على ضرورة هذا التحول، تؤمن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأن التحديات الأمنية في غرب آسيا مترابطة ومشتركة جوهرياً بين دول المنطقة. سواء في مواجهة الإرهاب أو الهجرة الناجمة عن تغير المناخ أو التهديدات السيبرانية أو الهشاشة الاقتصادية، لا يمكن لأي دولة أن تنفصل عن مصير جيرانها. وبالتالي، فإن إنشاء إطار جماعي قائم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل والملكية الإقليمية ليس خياراً، بل ضرورة حيوية.لا ينبغي اعتبار الأمن الإقليمي لعبة محصلتها صفرحاولت القوى الخارجية مراراً فرض نماذج أمنية من أعلى إلى أسفل على المنطقة – نماذج تتجاهل تعقيدات غرب آسيا الاجتماعية والسياسية. تاريخياً، نجحت قوى خارجية قليلة في لعب دور مستدام أو بناء حقيقي لاستقرار المنطقة. في الواقع، الحلول المصممة في الخارج تعكس عادة حسابات استراتيجية لعواصم بعيدة، وليس حقائق معيشة الناس في طهران وبغداد والرياض ودمشق.أظهرت التجربة أن مثل هذه المقاربات تخلق في أحسن الأحوال سلاماً هشاً، وفي أسوأ الأحوال، تؤدي إلى عدم استقرار طويل الأمد. لقد دفع سكان المنطقة ثمن السياسات التي صيغت دون موافقتهم أو مشاركتهم.في هذا الصدد، طالبت إيران باستمرار باستخدام آليات شاملة ومنبثقة من داخل المنطقة لمواجهة تحديات غرب آسيا. لقد أكدنا على مبدأ أن الأمن الإقليمي لا ينبغي اعتباره لعبة محصلتها صفر، بل جهداً تعاونياً مشتركاً.تؤمن إيران بأنه لا يمكن لأي دولة أن تزدهر حقاً في جوار يعاني من الحرب والعقوبات والطائفية. وبناءً عليه، ندعو إلى تحول جذري في المقاربات السائدة والتحول نحو نموذج أصلي قائم على المنطقة، يقدم التنمية الجماعية على استمرار الهياكل القائمة على التهديد.

الذي طالما عُرف كنقطة ساخنة في المعادلات العالمية – يمكن أن يصبح اليوم حجر الأساس لعصر جديد من تخفيف التوتر والتكامل. يستند التزام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالدبلوماسية البناءة في هذا المجال إلى مقترحاتها التاريخية، بما في ذلك “حوار الحضارات”، ومبادرة “العالم ضد العنف والتطرف” (WAVE)، وخطة سلام هرمز (HOPE). تركز هذه الأطر على التراث المشترك والأمن الجماعي والدور المحوري للحوار في تسوية الخلافات.في هذا السياق، ترحب إيران بالخطوات الأخيرة بما في ذلك وثيقة الرؤية الأمنية لمجلس التعاون في الخليج الفارسي لعام 2024 – التي تؤكد على مبادئ السيادة وعدم التدخل والتعاون متعدد الأطراف. رغم استمرار بعض الخلافات، تظهر هذه الوثيقة اعتراف دول المنطقة بترابطها وضرورة إنشاء آلية أمنية مشتركة. تعتبر طهران هذه الخطوة أساساً لتحقيق نظام متماسك في مجال الأمن الإقليمي.الاستقرار الحقيقي يتطلب تنمية شاملة واحتراماً متبادلاً والتزاماً بالرفاه المشتركرسالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى المجتمع الدولي واضحة: السلام الدائم في غرب آسيا لا يتحقق إلا بتمكين الجهات الفاعلة الإقليمية. لن تنجح الضمانات الأمنية الانتقائية أو أطر السلام التي تُستخدم كأدوات ضغط.يرى إيران نفسها ليس كقوة مهيمنة، بل كدولة قوية إلى جانب جيران أقوياء، متجذرة في نسيج متين من التعاون الإقليمي. تُظهر أمثلة مثل العراق وعمان قيمة الدبلوماسية المنبثقة من داخل المنطقة. لقد أثبتت جهود هذه الدول في الوساطة لحل النزاعات أن الجهات الفاعلة الإقليمية – عندما تُمكن – قادرة على حل الخلافات وبناء الثقة المتبادلة دون الاعتماد على وساطة خارجية.تظل إيران مستعدة للتعاون الدولي في مجالات مثل الصمود المناخي والبنية التحتية الرقمية والصحة والتنمية المستدامة. لكن يجب أن تقوم هذه التعاونات على المساواة والاحترام المتبادل. فالتعاونات المشروطة التي تهدف إلى فرض الخضوع السياسي تتعارض مع النظام الإقليمي القائم على السيادة الوطنية واستقلال الدول.التكامل الإقليمي ليس خياراً بل ضرورةالتدهور البيئي – خاصة تغير المناخ – لا يعترف بالحدود. حيث تهدد العواصف الترابية والجفاف وارتفاع درجات الحرارة النظم الإيكولوجية المشتركة. وبالمثل، لا يمكن احتواء التطرف والأزمات الإنسانية داخل الحدود الوطنية.يتطلب مواجهة هذه التحديات تنسيقاً عابراً للحدود – من أنظمة الإنذار المبكر المشتركة إلى البروتوكولات الإقليمية للإغاثة الإنسانية. يجب أن يصبح “الأمن البشري” حجر الأساس لأي هندسة مستقبلية للمنطقة – بمعنى أن التعليم والصحة والاستدامة البيئية والفرص الاقتصادية العادلة يجب أن تأتي بالتساوي مع عناصر الأمن التقليدية.في الطريق نحو رسم واقع جديد للمنطقة، يظل التصدي للعوائق الهيكلية التي تقوض التقدم ضرورة لا مفر منها. أي تقييم صادق للاستقرار الإقليمي يجب أن يعترف بالدور المزعزع للاستقرار الذي تلعبه إسرائيل. لقد حول نهج هذه الدولة في المنطقة نفسها إلى معترض دائم – جهة فاعلة تعارض بشكل هيكلي ومستمر أي مبادرة نحو الأمن الجماعي ونزع السلاح.برنامجها للأسلحة النووية – القائم على عقيدة “الغموض المتعمد” – يقوض معايير عدم الانتشار العالمية ويتعارض مع الهدف المشترك لشرق أوسط خال من الأسلحة النووية. في حين انضمت جميع دول المنطقة الأخرى إلى معاهدات مثل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاقية الأسلحة الكيميائية واتفاقية الأسلحة البيولوجية وتمسكت بالتزاماتها، بقيت إسرائيل خارج هذه الأطر، محصنة من المساءلة بالاعتماد الاستراتيجي على الحلفاء الغربيين.هذا النمط من الرفض لا يزال يعيق التقدم الحقيقي نحو الأمن الإقليمي والتحكم في التسلح الدولي. علاوة على ذلك، يُظهر التاريخ الإسرائيلي نمطاً مستمراً من الاحتلال والنزوح القسري والعدوان والانتهاك المنهجي للقانون الدولي.

يجب على المجتمع الدولي أن يواجه هذه الحقيقة: نظام ينتهك القانون الدولي بشكل منهجي، ويلجأ إلى عسككرة غير مقيدة، ويتمتع بإفلات من العقاب، لا يمكن أن يكون جزءاً من أي إطار أمني إقليمي مستدام.في الختام، لن يُكتب مستقبل غرب آسيا في العواصم الأجنبية، بل سيُكتب بأيدي شعوب المنطقة، من خلال أطر تعكس تاريخها وثقافتها وإرادتها الجماعية. إذا كان على المنطقة أن تتحرر من دوائر الاختلاف المتكررة، فيجب أن يركز العقد المقبل على بناء المؤسسات والتعاون عبر الحدود والحكم الشامل.مقاربة إيران هي في الوقت نفسه نقد لإخفاقات الماضي وخريطة طريق لمرونة المستقبل. تدعو هذه الرؤية دول المنطقة إلى الانتقال من الدبلوماسية التفاعلية إلى الشراكة النشطة، ومن النماذج الأجنبية المفروضة إلى الحلول المحلية المرنة. كما تدعو الجهات الفاعلة العالمية إلى الانخراط ليس كمراقبين أو مشرفين، بل كشركاء محترمين ومتساوين.لتحقيق هذه الرؤية، يجب أن تلتزم غرب آسيا بنموذج يكون فيه الأمن مشتركاً والسيادة متبادلة والسلام نتاج عمل جماعي. فقط في مثل هذا الإطار يمكن للمنطقة أن تتجاوز الصراع وتخطو نحو مستقبل يقوم ليس على الهيمنة، بل على الكرامة والتضامن والسلام المستدام.

شارك المقال