ليلة السبت الماضي ، تكرّر مشهد زيارة اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري لروضة الشهيدين في الغبيري بعد يومين من العدوان الصهيوني على القنيطرة في كانون الثاني 2015، حيث زار منزل عائلة الشهيد جهاد مغنية وعزى أهله وإخوته وخاله السيد مصطفى بدر الدين ثم توجه لضريحي الشهيد عماد وابنه جهاد وتلا القرآن ، اذ تكرر المشهد مجدداً وتوجه إلى الغبيري ، لكن هذه المرة ليعزّي عائلة بدر الدين به .
ولیست المرة الأولى التی یدخل الحاج قاسم سلیمانی فیها «بیت الأحزان» ، حیث أضیفت صورة جدیدة إلى صور الشهداء. یجلس صدیق العائلة بین جمیع أفرادها، یتلو الآیة القرآنیة (ولا تحسبنّ الذین قُتلوا فی سبیل الله أمواتاً بل أحیاء عند ربهم یُرزَقون) ، لیبدأ الحدیث حاملاً سبحة ترابیة فی یده الیمنى، فیما یزیّن خاتم عقیق یده الیسرى . توجه بالکلام إلى أم الشهید، السیدة أم عدنان: «لقد فقدنا قائداً وأخاً عزیزاً . هذا المصاب هو مصاب للأمة الإسلامیة ، إذ إن شخصیة کشخصیة السید ذو الفقار لا یمکن اختصار خسارتها فی بلد أو منطقة أو ضاحیة».
و أضاف اللواء سلیمانی متحدثًا عن عائلة الشهید بدرالدین : ان هذه العائلة هی عائلة مجاهدین اذ قدّمت «الحاج رضوان» (القائد الشهید عماد مغنیة) وشاباً مثل جهاد (نجل الشهید مغنیة) ، و لیس جدیداً علیها أن تقدّم المزید من الشهداء .
وحسب رفاق الشهید مصطفى بدر الدین ، فان السید ذو الفقار منذ عهد بعید ، سنين من الجهاد والعطاء ، کان یتحدث عن طلبه للشهادة ، وها هو هدفه الأسمی قد تحقق ، وهو ما کان ینتظره منذ انطلاقة المقاومة .
و قال اللواء سلیمانی : کنَّا على یقین بأن قائداً مثل «السید ذو الفقار» یطلب الشهادة منذ ریعان شبابه ، ومنذ بدایات انطلاقته مع المقاومة تنتهی حیاته بها، لا موتاً على الفراش ، لذلک فان شهادته لیست مفاجئةً لنا .
و همس اللواء سلیمانی لعلی ، ابن الشهید الذی خیَّم علیه حزن فراق الاب ، قائلا : “ستکون أنت على مسار أبیک ، قدوة ــ مثله ــ لجیلک ، و لکل الشباب” .
و جلس اللواء سلیمانی نحو 20 دقیقة ، بعدها توجه إلی روضة الشهیدین . والبدایة کانت من ضریحَی الشهید عماد مغنیة ، و«السیّد ذو الفقار» . و هناک جلس وقرأ آیات قرآنیة ، ثم مرَّ على أضرحة الشهداء مسلِّماً ؛ یقرأ الأسماء ، ویسأل عن بعضهم . و أثناء عبوره بهدوء تام بینهم ، استحضر ذکرى القائد علی فیاض «علاء البوسنة» الذی قضى شهیداً على طریق خناصر ــ حلب فی شباط الماضی . سأل عن ضریحه ، لیأتیه الجواب بأنه فی بلدته أنصار . سلَّم على عوائل الشهداء الموجودة هناک، والتقى ، صدفةً ، بجریح من جرحى المقاومة یزور رفاقه ، لترتسم ابتسامة ودیعة على شفتیه .
کان اللواء سلیمانی یستغرب کیف یغیب السید ذو الفقار ، منذ بدء الأحداث فی سوریا ، عن عائلته لشهرین أو ثلاثة، لیعود بعدها أیاماً قلیلة، یعوّض فیها عن کل ما فاته تجاههم .