كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال تأبين الشهيدين القائدين الفريق قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس الذي أقامه حزب الله في مجمع سيد الشهداء عليه السلام في الرويس 5-1-2020.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السادة العلماء، الاخوة والأخوات، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد، بسم الله الرحمن الرحيم:” وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتًا بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ” صدق الله العلي العظيم.
اليوم نحن نُقيم احتفالاً تأبينياً تكريمياً لقائدٍ جهاديٍ إسلاميٍ عالميٍ عظيم هو الحاج قاسم سليماني قائد فيلق القدس في حرس الثورة الإسلامية، ولقائدٍ كبيرٍ ومجاهدٍ عزيزٍ الحاج أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي المقدس في العراق وصحبهما من الشهداء الإيرانيين والعراقيين الذين استشهدوا في الجريمة الأخيرة.
طبعاً، اليوم كان اليوم الثاني من كانون الثاني الخميس مساءً ليلة الجمعة، يعني إذا كتبناها 2 كانون الثاني 2020، هو تاريخ فاصل بين مرحلتين في المنطقة، هو بداية مرحلة جديدة وتاريخ جديد ليس لإيران أو للعراق وإنما للمنطقة كلها، هذا ما سوف أعود إليه بعد قليل.
لكن اسمحوا لي في البداية أن أقف قليلاً عند الجانب الشخصي من الحادثة ومن الجريمة ومن الإغتيال.
في مساء الخميس، الآن سوف أظل أقول مساء الخميس، 2 كانون الثاني 2020، حقّق الحاج قاسم سليماني الأخ الحبيب والعزيز غاية آماله وآمانيه، حقّق هدفه، أليس نحن دائماً نتكلم عن تحقيق الأهداف، وأن هذا العمل هو يُحقق هدفنا أو يُحقق هدف عدونا؟ الحاج قاسم سليماني تحقق له هدفه في ليلة الجمعة الماضية، لأن هذه الأمنية وهذا الهدف الشخصي، دائماً في ذكريات الشهداء كنت أقول: الشهادة عند المجاهدين وعند القادة هم لا يريدون الشهادة للأمة، الشهادة هو مشروع شخصي، يُريدون للأمة الخير والحياة الهانئة، والسعادة في الدنيا والآخرة والعزة والكرامة، والقوة والمنعة، والعيش في طيبات الله وفي حلال الله، أما على المستوى الشخصي مشروعهم الشخصي هو الشهادة.
هذه هي نيته منذ أن كان شاباً والتحق بجبهات القتال في إيران، وبقي يحمل هذه الأمنية وهذه الغاية وهذا الهدف، الذين يمشون في هذا الطريق بعضهم يسقط في ربعه أو في وسطه قبل النهاية، تَخمد فيه هذه الشعلة، ويذوي فيه هذا العشق، ويموت فيه هذا الشوق للقاء، وقومٌ آخرون كلما تقدم بهم الزمن إزدادت توهجاً وقوةً وحضوراً واشتعالاً، الحاج قاسم وأبو مهدي المهندس كانا من النوع الثاني، وخصوصاً في السنوات الأخيرة، وعندما يمتد العمر بالإنسان ويرى الشيب قد ملأ لحيته وشعره ويُصبح خائفاً من أن يموت مريضاً أو على الفراش، وهو الذي كان حاضراً دائماً في الجبهات بين القدائف والشظايا التي تملأ جسده، الحاج قاسم في السنوات الأخيرة عندما كان يأتي إلى الشام، كان الإخوة من عندي هم يستلمون أمنه وحمايته ويبقون معه في الليل وفي النهار إلى أن يعود إلى مطار دمشق، الكثير من الليالي كان يقضيها باكياً، عندما يُذكر الشهداء يبكي، في كثير من اللقاءات كان يقول لي: ضاق صدري في هذه الدنيا من شدة شوقي للقاء الله وللشهداء الذين مضوا، إخوته وأصدقائه وأحبائه الذين عاش معهم وقاتل معهم وتألم معهم وعانى معهم، أغلبهم مضوا، وكان مشتاقاً جداً للإلتحاق بهم.
على كلٍ، هو حقّق هذه الأمنية، وهذا مما يُمثل لنا نحن جميعاً، أحبته وأصدقاءه وإخوانه، عامل المواساة الأساسي.
أنا من هنا من الضاحية الجنوبية أتوجه إلى عائلة الحاج قاسم سليماني وإلى كل أقاربه وأهله، وخصوصاً إلى زوجته الفاضلة وإلى أبنائه وبناته، وأقول لهم: إن ما يجب أن يُواسيكم هو أن أباكم حقق غاية الآمال، ووصل إلى منتهى المنى، وأنا أعلم وأنتم أكثر مني تعلمون أن هذا كان دائماً هدف وأمل وغاية وشوق وعشق وحب وأمل الحاج قاسم سليماني. نفس هذا المعنى بالنسبة للحاج أبو مهدي، قبل شهرين أو ثلاثة كان عندي، هنا في بيروت في الضاحية زارني وشرّفني بزيارته، وجلسنا لساعات، وفي آخر اللقاء قال لي: يا سيد، يبدو أن المعركة مع داعش في العراق شارفت على النهاية، وقد استشهد من استشهد، وبقيت على قيد الحياة، وقد طال بي العمر وشاب رأسي ولحيتي، إدعو الله لي أن تكون عاقبتي الشهادة، وأيضاً من نفس هذا النوع، وأيضاً أقول لزوجته الفاضلة ولبناته الكريمات، لبنات الحاج أبو مهدي الكريمات: إن هذا يجب أن يكون عامل مواساةٍ لكنّ جميعاً، وهذا حال الشهداء الأحبة الذين استشهدوا مع الحاج قاسم ومع الحاج أبو مهدي.
في الشق الشخصي إذاً لننهي هذا الجانب ولننتقل إلى صلب المواجهة والموضوع، اليوم تحققت لهم هذه الأماني، في ثقافتنا الإيمانية الشهادة هي إحدى الحسنيين، النصر أو الشهادة، هي إحدى الحسنيين، من عجائب الثقافة الإيمانية كيف تُبدل المعادلات، إن أقصى ما يملكه عدونا هو أن يقتلنا، وإن أقصى ما يمكن أن نتطلع إليه هو أن نُقتل في سبيل الله عز وجل، المعادلة الإيمانية تُحوّل نقطة قوة العدو القصوى إلى نقطة قوتنا القصوى، وبالتالي نحن لا نُهزم، عندما ننتصر ننتصر، وعندما نُستشهد ننتصر، ويوم الخميس ليلاً هو أيضاً يوم إنتصارٍ للمقاومة ولمحور المقاومة ولرجال المقاومة، وسيكون نموذجاً جديداً لإنتصار الدم على السيف إن شاء الله.
مباركُ للحاج قاسم ومباركٌ للحاج أبو مهدي ومباركٌ لصحبهما الشريف من المجاهدين الإيرانيين والعراقيين هذه الشهادة العظيمة وهذه العاقبة الحسنة وهذه الخاتمة الجميلة، وفي مدرسة الحسين وزينب عليهما السلام في مدرستهما نعشق الشهادة ولا نرى إلا جميلاً.
ثانياً: ندخل إلى صلب الموضوع، طبعاً اليوم أنا أود أن أتحدث مباشرةً عن هذا الحادث، الحدث الكبير والعظيم، ماذا حصل؟ ولماذا حصل؟ ولماذا الحاج قاسم سليماني ومعه أبو مهدي بالذات؟ ماهي الأهداف؟ المنطقة إلى أين؟ وما هو الموقف وما هو الواجب وما هي المسؤولية؟
أنا قلت نحن أمام مرحلة جديدة بالكامل، طبعاً لو أردت أن أتحدث الآن وهذا لم يكن موضوع حديثي عن شخصية الحاج قاسم، عن مميزاته وعن صفاته وعن تدينه وشجاعته وعلمه ومعرفته وعقله الإستراتيجي وتواضعه و.. و.. و.. كل الصفات الجميلة التي يحملها، وعن إنجازاته وعن تعبه وعن سهره وعن جهاده وعن تضحياته، وكذلك عن الحاج أبو مهدي سنتحدث لساعات وأيام وأسابيع، وهذا سوف نجد له إن شاء الله وقتاً آخر، لكن ما يجب أن ندخل إليه هو صلب الموضوع، لنبني على الشيء مقتضاه.
أولاً: ماذا حصل؟ الذي حصل هو أنه في ليل يوم الخميس في دقيقتين أقول عن تلك الحادثة لأن هذا سوف نبني عليه كل شيء، الحاج قاسم سليماني وصحبه يُغادرون مطار دمشق علناً إلى مطار بغداد، في مطار بغداد كان الحاج أبو مهدي المهندس وبعض إخوانه من مسؤولي الحشد الشعبي في إستقبال الحاج قاسم سليماني، بعد صعودهم في السيارات ومشوا مسافة معينة، يتعرض كل الموكب وكل السيارات في الموكب إلى قصف بالصواريخ المتطورة من الجو من قبل الطائرات الأميركية، وبشكل وحشي، كلكم شاهدتم مشاهد، وبشكل وحشي يضمن تدمير السيارات وتمزيق كل شيء فيها، يُستشهد القائدان العزيزان ومن معهما، ويتحول الجميع إلى أشلاء ممزقة ومحترقة يصعب تمييزها، بين هلالين هنا أنا أعرف الحاج قاسم والحاج أبو مهدي والإخوان الذين معهم، هو كان يتطلع للشهادة، ربما الذي حصل عليه هو أكثر من الذي كان يتمناه، أن تكون الخاتمة بلا رأسٍ كالحسين وبلا يدين كالعباس، والجسد مقطعٌ إرباً إرباً كعلي الأكبر، لا أدري إذا كانت هذه الصورة هي التي كانت حاضرة في مخيلة الحاج قاسم والحاج أبو مهدي.
على كلٍ، وتحول الجميع إلى أشلاء ممزقة ومحترقة يصعب تمييّزها، بعد ساعات قليلة تُصدر وزارة الدفاع الأميركية بياناً تتبنى فيه العملية، وأنها قامت بهذا الإغتيال بأمرٍ من الرئيس ترامب، بعدها تتوالى بيانات التبني الأميركية، ونرى مؤتمرات صحفية أيضاً، وزير الخارجية الأميركي ووزير الدفاع الأميركي ومستشار الأمن القومي الأميركي وصولاً إلى ترامب نفسه في تغريداته المتعددة، والتي يُفاخر فيها بأنه شخصياً من أمر بقتل الحاج قاسم سليماني، ويذكر الأسباب التي دفعته إلى ذلك، وكلها أكاذيب.
إذاً، نحن أمام جريمةٍ علنيةٍ واضحة تماماً، من أعطى الأمر فيها هو يقول أنا أعطيت الأمر، ترامب، من نفّذ الإغتيال هو يقول أنا نفّذت الإغتيال، وزارة الدفاع الأميركية والجيش الأميركي وقوة من الجيش الأميركي الموجودة في المنطقة، سواءً داخل العراق أو جاءت من خارج العراق، هذا تفصيل.
وبالتالي، نحن لسنا أمام عملية إغتيال مبهمة، سيارة مفخخة أو عملية إنتحارية، أو كمين نجا منفذوه، وتحتاج إلى لجنة تحقيق وتحتاج إلى لجنة تقصي حقائق، ويوجد فيها إحتمالات، أبداً، نحن أمام جريمة واضحة شديدة الوضوح وصارخة، هذين السطرين سوف نبني عليها، ترامب الرئيس الأميركي أمر الجيش الأميركي بتنفيذ هذه الجريمة، فقامت قوةٌ من الجيش الأميركي بتنفيذها على التفصيل الذي ذكرناه، إذاً الأمور واضحة.
ثانياً: لماذا الإقدام على هذه الجريمة بهذه الطريقة العلنية المفضوحة؟ بشكلٍ مفضوح ويتبنى وبشكل رسمي وعلني، ولا يسأل عن أحد بالدنيا كلها.
هناك أمران:
أ- فشل كل محاولات الاغتيال السابقة من دون بصمة، من دون دليل. حصلت محاولات عديدة، بعض المحاولات كُشف عنها – لاغتيال الحاج قاسم – بعض المحاولات ما زالت طي الكتمان، وآخر المحاولات، شاهدوا العقل الشيطاني الجهنمي الذي يعمل به الأميركيين والإسرائيليين، والذي كان يتحضر للحاج قاسم في كرمان واعتقلوا المجموعة وبعد أن جاءت بالمتفجرات وكانوا يحضرون أن يشتروا بيت قرب الحسينية ويحفرون نفق تحت الحسينية من البيت وصولاً إلى أسفل الحسينية ويضعوا فيه كمية هائلة من المتفجرات لأن الحاج قاسم له التزام سنوي بالذهاب في بعض المراسم والمناسبات الدينية لإقامة مجالس العزاء في تلك الحسينية، ويحضر فيها بين 4 آلاف و 5 آلاف إنسان، كانوا يريدون قتل 5 آلاف إنسان في الحسينية ليضمنوا أنهم قتلوا الحاج قاسم سليماني، شاهدوا العقل الإجرامي.
الله سبحانه وتعالى أجّل له وحماه وحرسه واختار له هذا النوع من الشهادة – كما قال سماحة السيد القائد – وأنه هو لائق بهذا النوع من الشهادة، بهذا المستوى من الشهادة، إذاً فشل كل محاولات الاغتيال السابقة من دون بصمة، من دون دليل، ألجأهم إلى الذهاب إلى العمل العلني والمكشوف.
والأمر الثاني الذي له علاقة بالدوافع أيضاً، للإقدام في هذا التوقيت وبهذا العمل المفضوح والعلني هو مجموعة الأوضاع والظروف التي تعيشها منطقتنا والإخفاقات والإنجازات ومحصلة الصراع القائم وصولاً إلى تطورات العراق الأخيرة ونحن على أبواب انتخابات رئاسية أميركية. هذا الذي سأدخل فيه بالتفصيل قليلاً.
عندما نستعرض هذا المشهد هو الذي سيوضح لنا أهداف الاغتيال وهو الذي سيحدد مسؤولياتنا جميعاً لمواجهة أهداف الاغتيال، فهذا العرض هو ليُبنى عليه وليس لمجرد الاستعراض والتحليل.
تفصيل هذا العنوان: حسناً، بعد ثلاث سنوات من تولي ترامب للرئاسة في أميركا، أعلن هو سياسة خارجية في منطقتنا وفي العالم، عندما ينظر ترامب وإدارته إلى حصيلة ثلاث سنوات التي مضت، ماذا يتبين؟ فشل على فشل على عجز على ارتباك، ليس هناك ما يقدمه للشعب الأميركي على مستوى السياسة الخارجية وخصوصاً في منطقتنا وهو ذاهب إلى الانتخابات الرئاسية.
لو دخلنا قليلاً بالعناوين، أولاً العنوان الأكبر: إيران، ترامب منذ اليوم الأول وضع هدفاً أعلى هو إسقاط النظام الإسلامي في إيران، وهذا ما عبّر عنه جون بولتون الذي وعد قبل عام بالتحديد، يعني في احتفالات رأس السنة الماضية، في احتفال للمنافقين الإيرانيين في فرنسا، قام خطيباً فيهم ووعدهم، أن الاحتفال في رأس السنة الميلادية القادم سيكون في طهران، فذهب جون بولتون وبقي النظام الإسلامي في طهران، هذه لم تكن سياسة جون بولتون، هو كان مستشار الأمن القومي، يعبّر عن استراتيجية ترامب تجاه إيران. إذاً الهدف الأعلى إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، والهدف الأدنى، أقل شيء كان يتطلع إليه هو ما يسميه تغيير السلوك، إخضاع إيران، ضبط إيران، السيطرة على الأداء السياسي لإيران وما شاكل. وبالتالي الوصول إلى اتفاق نووي جديد، إلى اتفاق حول الصواريخ البالستية وإلى اتفاق حول قضايا المنطقة. إيران لم تستجب، خرج من الاتفاق النووي الإيراني، فرض عقوبات لا مثيل لها منذ 40 عاماً على إيران، عقوبات على كل من يتعامل مع إيران في العالم، محاولة الحصار، محاولة العزل، الترهيب، الرهان على جوع الناس، على الأزمة الاقتصادية داخل إيران، على الانقسامات الداخلية إن وجدت، الدفع باتجاه الفتنة الداخلية، الاستفادة من كل العناصر الإقليمية والأدوات الإقليمية وفشل هذا كله.
إذاً الآن هو ذاهب إلى الانتخابات لا يستطيع أن يقول للشعب الأميركي أنا أسقطت نظام الجمهورية الإسلامية، ولا يستطيع أن يقول أنا أخضعت نظام الجمهورية الإسلامية، ولا يستطيع أن يقول أنني فرضت اتفاقاً نووياً جديداً على إيران، بل أسوأ من هذا، ترامب وصل إلى مرحلة يوسط بعض الرؤساء الأوروبيين في جلسة الأمم المتحدة في نيويورك ليعقد لقاءً مع رئيس الجمهورية الإسلامية الشيخ روحاني وإيران ترفض اللقاء مع ترامب، ترامب كل سياسته أن يأتي بإيران إلى المفاوضات بمعزل عن الاتفاق، تحت الضغط والتهويل، وهذا ما أعلنه، وقال إنهم سيأتون وآخر شيء سيرنون الهاتف وسيأتون إليّ.. وستنتهي ولايته وإيران لم تذهب إليه ولم يتصل معه أحد بالهاتف.
ماذا سيقول للشعب الأميركي بهذا الهدف؟ فشل وعجز بل تجرؤ إيراني أعلى وأكبر.
سأدع العراق للأخير لأنه له خصوصية بما حدث على الحاج قاسم وعلى أبو مهدي.
ثانياً، فشل وارتباك في سوريا، فشل واضح، مشروعهم فشل في سوريا وكان آخر “طحنة”، آخر ما حصل، هو خيانته لحلفائه أو أصدقائه أو سموهم ما شئتم في “قسد”، في الجماعات الكردية المقاتلة في شرق الفرات، والارتباك الذي شاهدناه، ساعة يصدر قراراً يريد سحب القوات من شرق الفرات، ساعة يريد أن يترك جزءاً من القوات، يعمل مشكلة لها أول وليس لها آخر على موضوع سحب القوات الأميركية وينتهي بإبقاء جزءٍ من القوات الأميركية، لحماية من؟ ليس لحماية حلفائه من الأكراد، بل لحماية آبار النفط وحقول النفط السورية لسرقتها، هو أعلن ذلك، أنه سيتحدث مع شركات للتنقيب وتصدير النفط لتضع يدها وتصادره، هذا يعبّر عن الارتباك الأميركي في سوريا، أبقى جزءاً من القوة في شرق الفرات من أجل النفط وجزءاً بسيطاً في التنف هو قال بناءً على طلب إسرائيل وتوصية إسرائيل في أن تبقى قوة أميركية في التنف، لأنه إذا سقطت التنف وأصبحت في يد الجيش السوري، كامل الحدود السورية – العراقية أصبحت مفتوحة وخصوصاً معبر الرطبة الدولي.
ثالثاً، فشل في لبنان، كل الضغوط، كل العقوبات، كل التحريض، كل الأموال التي أنفقت في لبنان لتشويه صورة المقاومة ولتحريض بيئة المقاومة على المقاومة ولتحريض بقية اللبنانيين على المقاومة وكلنا نتذكر الغزو الأخير لبومبيو إلى لبنان والبيان المكتوب الحربي الذي أعلنه من وزارة الخارجية اللبنانية، وصولاً إلى زيارات ساترفيلد المتنوعة والتي لم يُقل بالإعلام ولكن اليوم سأقول لكم بالإعلام، أنا قلته في جلسة داخلية وسُرّب. آخر زيارات ساترفيلد كان يهدد المسؤولين اللبنانيين، معكم مهلة 15 يوم إذا منشآت للمقاومة في البقاع لا تقومون بإزالتها، لا يقوم حزب الله بإزالتها سوف تأتي إسرائيل وتقصف وتدمر هذه المنشآت ونحن سنضع لبنان في دائرة العقوبات ووو… تهديد وتهويل وترهيب – طبعاً لم يجدِ نفعاً – ولم تجرؤ إسرائيل أن تأتي وتقصف تلك المنشآت خلال 15 يوماً لأنه نحن قلنا له إذا قصفت إسرائيل هذه المنشآت نحن سنقوم برد سريع ومناسب ومتناسب، وإذا تتذكرون ليلة يوم القدس أنا قلت بهذا الموضوع ولو من باب الإشارة. إذاً كل محاولات تحجيم المقاومة في لبنان، الضغط على المقاومة في لبنان، السيطرة بالمطلق على القرار اللبنان، لم تجدِ نفعاً.
في اليمن والصمود في اليمن والعجز عن تحقيق أي إنجاز عسكري في اليمن، الحرب في اليمن هي بالدرجة الأولى أميركية وقرار أميركي وإرادة أميركية ومشروع أميركي، ليس فقط سعودي وما شاكل سوى المجازر والحصار.
خامساً، في أفغانستان يبحث عن صيغة الخروج التي تحفظ ماء وجهه وبارتباك أيضاً، يرسل سفيره خليل زاد يتفاوض مع طالبان في قطر، يتفقون، من المفترض أن تلتقي طالبان مع ترامب في البيت الأسود، في اليوم الثاني ترامب يلغي اللقاء ويلغي الاتفاق ويقول خرجت طالبان والمفاوضات معها من حياتي ثم بعد أيام قليلة يطالب بالتفاوض مع طالبان لأنه يريد أن يخرج من مأزق أفغانستان. إذاً في أفغانستان ليس عنده إنجاز.
سادساً، صفقة القرن، صفقة القرن التي كان يريد أن يحققها في أول سنة ويفرضها على الأنظمة العربية والحكومات العربية والشعوب العربية وعلى الشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى، أين صفقة القرن؟ من يتكلم الآن بصفقة القرن؟ نتيجة صمود الشعب الفلسطيني والقيادات الفلسطينية، رغم الحروب على غزة ، رغم الحصار، رغم العقوبات، رغم ما يتعرض له أهل الضفة الغربية والفلسطينيون في الداخل والخارج من صعوبات معيشية واقتصادية وتهديد للأونروا ووو… ومعاناة المعتقلين وانسداد الأفق بحسب الظاهر أمامه، لم يستطع أن يفرض صفقة القرن.
سابعاً، العراق – الذي هو هنا بيت القصيد الذي عندما أصل إلى التحليل الأخير أقول هو الذي عجّل بهذه الخطوة، بهذه الجريمة – في العراق ما هو مشروع ترامب الحقيقي؟ والله يا إخوان هذا لا يحتاج أن يكون عندنا مصادر سرية بالـ“CIA” وبالبنتاغون وتعطينا معلومات، لا، الرجل واضح جداً، ترامب واضح جداً، وشفاف جداً، لأنه مستعلي، لأنه مستكبر، لأنه لا يرى أحداً أمامه، لأنه لا يعترف لا بدول ولا بقانون دولي ولا بمؤسسات دولية ولا بمجتمع دولي ولا بأحد، في كل الحملة الانتخابية ماذا كان يقول ترامب، كان يقول نفط العراق هو حقنا – كأميركا – هو يطمع في بعض الحقول المتواضعة في سوريا، في شرق الفرات، بعض الحقول المتواضعة، نفط سوريا أصلاً لا يقاس على نفط العراق، هو في كل حملته الانتخابية – مقابلاته بالصورة والصوت وموجودة – يقول نفط العراق حقنا، ونحن يجب أن نضع أيدينا على نقط العراق حتى نستوفي كل الأموال التي أنفقناها خلال كل السنوات الماضية في العراق وفي المنطقة، وعندما يُسأل كيف ستفعل ذلك وفي العراق دولة – أنا أتمنى هذه الجمل ننتبه لها خصوصاً إخواننا في العراق إذا يسمعونني – يقول لا يوجد دولة في العراق، لا يوجد دولة في العراق، لا يوجد شيء اسمه العراق، عودوا إلى نصوصه بصوته وصورته، كيف ستسيطر على حقول النفط؟ نرسل قوات تتواجد في مناطق حقول النفط نأخذ مساحات واسعة نقيم حولها أحزمة أمنية نسيطر عليها ونقوم باستخراج النفط وتصديره وبيعه للعالم.
إذاً مشروع ترامب الحقيقي من ثلاث سنوات إلى اليوم في العراق ما هو؟ السيطرة على آبار النفط والثروة النفطية العراقية، هو لا يريد دولة في العراق حتى تمنعه من فعل ذلك، أو إذا كان هناك من دولة يجب أن تكون خاضعة لقرارات الأمريكي، السفير الأمريكي والجيش الأمريكي ، خاضعة سياسياً وعسكريا وأمنياً، من سبقهُ جاء بداعش، وهو نفسه ترامب يقول انَّ اوباما وهيلاري كلينتون هي التي صنعت داعش، وأراد الأمريكيون ان تستمر داعش وتطول الحرب معها لسنوات وتكون هناك حجّة للبقاء في العراق، هم قالوا انّ الحرب على داعش تحتاج الى 10 او 20 او 30 سنة، وتحت عنوان “الحرب على داعش” يعيد إقامة القواعد الأمريكية وفي محيط مناطق النفط، ويستنزف خيرات العراق، ويبيع السلاح للعراق، ويتدخل بقرار العراق، ويضعف الدولة العراقية، وهنا كانت مشكلته في الحقيقة مع الحاج قاسم سليماني ومع ابو مهدي ومع الشباب وسأعود لها بعد قليل، حسناً، اذاً هو هذا مشروعه الحقيقي للعراق، الذي واجهه في العراق هو فشل لهذا المشروع، كيف فشل هذا المشروع؟ اولاً، من خلال اسقاط حجّة داعش، العراقيّون، القيادة العراقية، الشعب العراقيّ ومن فوقهم المرجعيّة الدينية الشريفة في النجف الاشرف، كان الموقف العراقي حاسماً في لزوم إنهاء المعركة مع داعش في أسرع وقت ممكن، هنا يأتي قاسم سليماني كعامل أساسي في هذا الحسم، هنا يأتي أبو مهدي المهندس كعامل أساسي في هذا الحسم، قوّات الحشد الشعبي، فصائل المقاومة العراقية الى جانب الجيش العراقي والقوات الأمنية المختلفة، وبدعم من الشعب العراق، ودعوة وتأييد ومساندة مطلقة من المرجعية الدينية، استطاعوا ان يحسموا هذه المعركة في سنوات قليلة.
سقطت الحُجّة من يد الامريكيين، وبعد انتهاء داعش وانكشاف حقيقة الدور الامريكي بدأت الاصوات ترتفع في العراق للمطالبة بخروج القوات الأمريكية، أنتم تقولون أتيتم من أجل ان تساعدونا في القضاء على داعش، هذه داعش انتهت، الله معكم، لا يريدون أن يخرجوا يريدون البقاء، لأنه هو استخدَمَ داعش كحجّة للعودة العسكرية الى العراق ولتحقيق اهدافه في العراق، حسناً، ايضاً بعد الإنتهاء من داعش كانت الانتخابات النيابية في العراق، الذي انتصر فيها من؟ لا أريد التحدّث عن تكتل أو حزب معيّن وإنما أريد أن أتحدث عن اتجاه سياسيّ، الاتجاه السّياسي العام الذي انتصر في الانتخابات العراقية هو الاتجاه الذي لا يخضع للامريكيين، ولا يصغي لأوامر الامريكيين، ويفكر وطنياً بالكامل او بدرجة كبيرة، يحلو للأمريكيين ان يقولوا عنهم هؤلاء هم الخط الايراني، وهذا توصيف غير دقيق، لكن التوصيف الدقيق ان الاغلبية النيابية في المجلس النيابي هي من الكتل والاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية التي ترفض الخضوع للإرادة الامريكية وللإملاءات الامريكية، وعلى ضوئها تشكلت حكومة، حكومة أزعجت الامريكيين، انا لا أريد أن أدخل في التفاصيل العراقية، وانما أريد أن أعرض هذا الجانب مما له صلة بالامريكيين، أزعجت السياسات الامريكية، لأن الحكومة العراقية التي تأسّست بعد الانتخابات النيابية العراقية برئاسة السيد عادل عبد المهدي، أولاً رفضت أن يكون العراق جزءاً من الحملة على إيران وتنفيذ العقوبات على إيران، يعني هنا وقفوا بوجه أمريكا، ثانياً، لأن الحكومة العراقية برئاسة السيد عادل عبد المهدي رفضت تأييد صفقة القرن والمساهمة في تصفية القضية الفلسطينية، ثالثاً لأن حكومة السيد عادل عبد المهدي ذهبت الى الصين لاجراء عقود بمئات مليارات الدولارات لبناء العراق وازدهار العراق دون دفع فلوس وعملة في مقابل مشاريع، واميركا تريد المشاريع في العراق لشركاتها هي، لتنهب العراق من خلال الشركات والمشاريع، لأن حكومة السيد عادل عبد المهدي رفضت أن تبقى الحدود مغلقة مع سوريا وأصرّت على فتح معبر البوكمال، كل هذا الاداء السّياسي أغضب الامريكيين جداً، يُضاف له ارتفاع الصّوت في المجلس النيابي للمطالبة بخروج القوّات الاميركية، ايضاً، توترات ميدانية معيّنة، شعر الامريكيون في الآونة الأخيرة كما قالوا هم انهم يكادوا يخسرون العراق! هم احتلوا العراق ليس لأجل ايجاد دمقراطية، ليس من اجل انتخابات، ولا من اجل استقلال العراقيين ولا من اجل ازدهار العراقيين، هم احتلوا العراق واسقطوا نظام صدام حسين من اجل ان يسيطروا على العراق وخيرات العراق، وعندما وجدوا ان الشعب العراقي يريد ان يستقر وان يتحرّر اطلقوا عليه كل جماعتهم الارهابية التي اسّسوها هم وجاؤوا بها من افغانستان وباكستان والسعودية واليمن وكل دول العالم، وواجه الشعب العراق من 2003 الى 2011 موجة من العمليات الانتحارية، آلآف الانتحاريين الذين فجّروا أنفسهم في المساجد والكنائس والمدارس والأسواق والأماكن الدينية وقتلوا خيرة القيادات والشخصيات العراقية وكان يقف ويسهّل خلف هذه الجماعات الارهابية ضباط الاحتلال الأمريكي، الأمريكيون في الآونة الأخيرة حاولوا ان يفتنوا الشعب العراقي، حاولوا ان يدفعوا بالعراقيين الى الحرب الاهلية، الموقف الواعي والحكيم للمرجعية الدينية وللقيادات العراقية حالت دون ذلك، الموقف الحازم والقوي للعشائر العراقية، فصائل المقاومة حالت دون ذلك. الامريكيون سعوا عبر جيوشهم الالكترونية وادواتهم الخبيثة لإحداث فتنة بين الشعب العراقي والشعب الايراني، لماذا؟ لانهم كانوا في إيران خير داعم ومساعد للشعب العراقي، الامريكيون تصرّفوا في الاسابيع الاخيرة بهلع، وهم يشعرون بأن العراق سيفلت من أيديهم، حسناً عندما يذهب ترامب الى الانتخابات الرئاسية هذا ايضاً فشل، هذا كله قبل 2 كانون ثاني 2020 قبل قتل الحاج قاسم والحاج ابو مهدي، اذاً ترامب والادارة الاميركية امام هذا الفشل في المنطقة، هذا العجز في المنطقة، ذاهبة الى انتخابات رئاسية ماذا تريد ان تفعل؟ نعم لنكون ايضاً واقعيين، هناك انجازات يتحدّث عنها ترامب، انا شخصياً اتابع خطاباته انظروا الترجمات العربية لخطابه هو ينتقل من ولاية إلى ولاية ويخطب، ماذا لديه من انجاز في السياسة الخارجية؟ اليس من المفترض ان يعرضه على الشعب الامريكي والان موسم انتخابات؟ ماذا يقول لهم، ليس فقط في منطقتنا بل في العالم:
في فنزويلا اجرى مشروع اسقاط الرئيس والنظام الفنزويلي وفشل، انتهى الموضوع. كوبا، لم يستطع ان يفعل شيئاً. كوريا الشمالية، هدّد وارعب وارسل حاملات الطائرات وكاد الأمر ان يصل الى الحرب ثم ذهب الى المفاوضات وخدع الشعب الاميركي بأنه سينزع السلاح النووي في كوريا الشمالية، ما في شي.
حسناً، الصّين، روسيا، حتى مع الحلفاء والأصدقاء، ما الانجاز الذي فعله، هو حتى حلفاءه واصدقاءه يومياً يهينهم ويذلّهم ويسبهم ويستهين بهم ويخذلهم ويتخلى عنهم، هذه السّياسة الخارجية، نعم بالسياسة الخارجية الامريكية الذي يتكلم عنه ترامب بكل خطبه 3 أشياء، ثلاثة أمور، وللأسف كلها من منطقتنا، ماذا يقول لهم، لا شيء، لا يملك سياسة خارجية، يحدّثهم في كل خطاب عن الـ 400 مليار التي أخذها من المملكة العربية السعودية، وايضا يتحدّث عنها بطريقة فيها سخرية، فيها إهانة، ويبدأ الجميع بالضحك والتصفيق، هذا الانجاز الأول.
الإنجاز الثاني، يتحدّث عن صفقات بيع السلاح للدول العربية أيضاً بعشرات مليارات الدولارات ويقول للشعب الاميركي من الـ 400 مليار دولار ومن عشرات مليارات الدولارات في صفقات السلاح انا اؤمن لكم مئات الآف الوظائف ويصفّقون له.