فيما تسعى القوى السياسية العراقية الى ترتيب مراكز النفوذ عبر تحالفات تستحوذ على المناصب العليا بالبلاد بعيد الانتخابات المقررة نهاية نيسان الجاري وفي ظل حرب تصريحات تحمل تهديدات مبطنة لهذا الطرف أو ذاك بالوقوف معه ، أو ضده في تحالفات مستقبلية اكدت مصادر مطلعة سياسية ان “ائتلاف دولة القانون” الذي يتزعمه نوري المالكي يدعم تولي «عربي سني معتدل» منصب رئاسة الجمهورية في الوقت الذي يخوض صالح المطلك نائب رئيس الوزراء واسامة النجيفي رئيس البرلمان الحالي منافسة حامية على منصب الطالباني .
و فی تفاصیل السعی الى رسم صورة لمستقبل خارطة النفوذ العراقیة ، قال محمد الصیهود النائب عن ائتلاف دولة القانون : إن منصب رئاسة الجمهوریة «لیس حکراً على مکون معین أو قومیة» . لکن اعلان الصیهود عن دعم کتلته «ائتلاف دولة القانون» الذی یتزعمه المالکی ، لتولی «عربی سنی معتدل» منصب رئاسة الجمهوریة للسنوات الأربع المقبلة خلفاً لجلال طالبانی الذی تنتهی ولایته الشهر المقبل ، یُنبئ عن تحالفات سیاسیة طفت بعض ملامحها على السطح ، فی حین ظلت الکثیر من التحالفات أسیرة التکهنات . و بحسب الصیهود فإن «التقسیمات السابقة بشأن المناصب الرئیسة لم تعد ثابتة ، و ستتغیر تبعاً لنتائج الانتخابات البرلمانیة المرتقبة فی 30 نیسان الحالی» .
و یرى مراقبون ان هذا التغییر «محتمل جدا» ، لأنه یخضع الى نتائج تحالفات مستقبلیة ستختلف کثیراً عن خارطتها فی الوقت الحاضر . وصراع خلافة طالبانی لیس ولید الیوم . ففی العام 2012 ، اشیع ان على رأس المرشحین برهم صالح ، نائب الرئيس الغائب الطالبانی فی قیادة الاتحاد الوطنی الکردستانی باعتبار ان المنصب هو للمکون الکردی ، فیما یتنافس على المنصب فی الوقت الحاضر ، اسامة النجیفی رئیس البرلمان القیادی السنی ، وصالح المطلک السنی نائب رئیس الوزراء باعتبار ان الرئاسة للسنة بحسب المحاصصة الطائفیة المعمول بها فی العراق منذ عام 2003 ، اضافة الى الأکراد .
وتعدى هذا التنافس على الخلافة الطالبانیة الى زعماء سنة یقیمون خارج البلاد، یوصفون بانهم معارضون للحکومة العراقیة ویسعون الى اسقاطها ، مثل خمیس الخنجر ، برغم ان احتمالات شغله المنصب تکاد تکون معدومة على وفق اعتبارات سیاسیة بین أطراف الکون السنی نفسه .
وفی العام 2003 وبعد إعلان حزب طالبانی خسارته فی انتخابات برلمان إقلیم کردستان ، أعلنت هیرو أحمد عقیلة الرئیس العراقی جلال طالبانی تخلیها عن مسؤولیتها فی حزب الاتحاد الوطنی الکردستانی، مطیحة بذلک توقعات بطموحاتها لخلافة طالبانی فی رئاسة العراق ، و زعامة الحزب .
و فی حین ینتقد الوسط السیاسی العراقی ، الاستعجال فی تسمیات المرشحین للمناصب ، اذ لا یمکن البت بها إلا بعد نتائج الانتخابات فی 30 نیسان الحالی، فان هذه التسمیات لیست بمعزل عن الحرب النفسیة و السیاسیة التی تشنها الاطراف على بعضها للتأثیر فی النتائج المستقبلیة للانتخابات . و اهم منصب یدور التنافس حوله ، هو منصب رئیس الجمهوریة، الذی یشغله جلال طالبانی الکردی والأمین العام لـ«الاتحاد الوطنی الکردستانی» منذ ثمانی سنوات ، الذی تعرّض لوعکة صحیة قبل نحو عام ، حالت دون القیام بمهامه ، و تولى نائبه خضیر الخزاعی إدارة المنصب . ویتعدّى حدود التنافس لشغل المنصب، الأحزاب والکتل السیاسیة الى السیاسیین أنفسهم ، اذ یدور صراع و حرب و تسقیط بین زعماء السنة أنفسهم لشغل المنصب. ولم یکن التنافس على منصب الرئاسة مخاض انتخابات 2014، بل قبل ذلک أیضا ، ففی العام 2010 ، أعلن التیار الصدری بزعامة مقتدى الصدر دعمه لتولی رئیس القائمة العراقیة أیاد علاوی منصب رئیس الجمهوریة .
وتنتهی ولایة طالبانی الحالیة فی حزیران المقبل ، بعد إنهائه لولایتین متتالیتین، مدة کل منها أربع سنوات ، ولا یتیح الدستور العراقی إعادة انتخابه لولایة ثالثة . ویخضع منصب رئاسة الجمهوریة للتوافقات السیاسیة بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانیة ، اذ یختار مجلس النواب المنتخب من بین المرشحین ، شخصا لشغل منصب رئیس الجمهوریة ، بأغلبیة ثلثی عدد أعضائه وفقاً للمادة 70 من الدستور فی اطار «صفقة» .
و ابقت الاتفاقات السیاسیة خلال السنوات الماضیة فی العراق ، منصب رئیس الجمهوریة للأکراد ، و منصب رئیس الوزراء للمکون الشیعی ، ومنصب رئیس البرلمان للمکون السنی.