• img

نصرالله: المشروع الغربي سيسقط وسوريا ومحور المقاومة سينتصران

مايو 26, 2014
نصرالله: المشروع الغربي سيسقط وسوريا ومحور المقاومة سينتصران

أكد الأمين العام لحزب الله لبنان السيد حسن نصرالله أن المشروع الغربي سيسقط وسوريا ستنتصر ومحور المقاومة سينتصر، مشدداً على أن انتصار 25 أيار في العام 2000 هو المؤسس لزمن الانتصارات وسقوط مشروع “إسرائيل” الكبرى.

وقال السيد نصر الله في كلمة ألقاها مساء الأحد  في الاحتفال الذي أقامه حزب الله لمناسبة عيد المقاومة والتحرير في مدينة  بنت جبيل “في العام 2006 سقطت نسخة مشروع الشرق الأوسط الجديد التي كانت معركتها في لبنان؛ آما اليوم فهناك نسخة جديدة لهذا المشروع لكن المعركة في سوريا التي تقاتل عن الأمة وحلفاؤها يساعدونها”.

وأعلن أن “هذا المشروع سيسقط وسوريا ستنتصر ومحور المقاومة سينتصر وهذه الأمة لن تسمح للمشروع الأميركي أن يفرض جدوله وأهدافه علينا، وسيأتي اليوم الذي يقف فيه الجميع سيشكرون سوريا لصمودها وانتصارها لأنهم سيكتشفون ماذا منعت سوريا من تداعيات، حتى الحكومات التي تآمرت على سوريا ودفعت الأموال وكذلك في لبنان كل الذين انتقدونا حول التدخل في سوريا”.

وقال “في مثل هذا اليوم من العام الماضي ومن بلدة مشغرة تناولت الأحداث في سوريا والمخاطر على المنطقة ولبنان، قلت يومها إننا سنتحمل المسؤولية ولن نقف متفرجين وحددت الموقف، وجاءت الأحداث لتؤكد صحة كل التحليلات وصحة هذا الموقف”.

وأضاف السيد نصر الله “أعود وأقول لكم اليوم لماذا نقف مع سوريا وندافع عنها للتذكير، إن سوريا كانت وما زالت قلب العروبة ووقفت في وجه التمدد الإسرائيلي وهي التي ما زالت تحمل وحيدة شرف عدم التواصل مع العدو أو التوقيع مع العدو وحمت ودعمت وما زالت المقاومة اللبنانية والفلسطينية، سوريا هذه هي التي ندافع عنها فلماذا لا يمكن لنا أن ندافع عن سندنا في وقت يؤتى بشذاذ الآفاق من كل العالم ليدافعوا عن خرافة بالإجرام والعنصرية”.

وإليكم نص الكلمة كاملة:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا، خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيارالمنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته .

نبارك لكم هذا العيد الوطني الكبير واشكركم على هذا الحضور وارحب بكم حيث انتم في تلك البقعة المباركة من ارض المقاومة والتحرير والانتصار .

قبل الدخول إلى المناسبة يجب أن أنوّه باقتران هذه المناسبة الجهادية العظيمة، من ناحية التوقيت الهجري، مع ذكريات ومناسبات دينية عظيمة يهتم بها المسلمون، كذكرى الإسراء والمعراج والمبعث النبوي الشريف، وكذلك في مثل هذا اليوم 25 رجب ذكرى استشهاد الإمام المظلوم، موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام في سجون بغداد، وكلّها مناسبات ترجع إلى رسول الله (ص) تبريكاً وتعظيماً وتسلية وتعزية، وكذلك إلى جميع المسلمين الذين يؤمنون بمبعثه وإسرائه ومعراجه ويُجمعون على مودّة قرباه وأهل بيته عليهم السلام .

أيها الإخوة والأخوات، أنا في هذا الوقت المتاح سأتحدث عن بعض العناوين. بالتأكيد، الوقت لا يتسع للحديث عن كل القضايا التي يُتوقع أن نتحدث عنها في مثل هذا اليوم، فمن جهة، الوقت لا يتسع، وطبيعة المناسبة لا تتحمل، ومن جهة هناك موضوعات على درجة عالية من الحساسية، أنا عمداً لا أريد أن أتحدث عنها الآن، هذا لا يعني تجاهلاً لها وإنما مراعاة لمجموعة من المصالح.

مناسبة الانتصار

أولاً: بالعودة إلى مناسبة الانتصارفي 25 أيار 2000 نلتقي هنا كما في كل عام في مثل هذا اليوم لنؤكد سنة بعد سنة ونحتاج أن نؤكد جيلاً بعد جيل على المعاني التالية:

أولاً: على تاريخية وعظمة هذا الإنجاز، هذا الانتصار، وعلى دلالاته ومعانيه التي يحملها، وقد تحدثنا وتحدث عنها الأعزاء كثيراً، وكُتبت حولها دراسات وأبحاث كثيرة، وأهمها سقوط مشروع “إسرائيل” الكبرى، وما زالت تداعيات وآثار هذا الانتصار قائمة ومستمرة على طرفي الجبهة عندنا في لبنان، في فلسطين، في أمتنا، وعند عدونا. ولولا هذا الانتصار لما كان ما بعده من انتصارات ومن إنجازات. بحقّ نستطيع أن نصف انتصار 25 ايار 2000 بالانتصار المؤسس لزمن الانتصارات الذي جاء، والزمن الذي ولّت فيه الهزائم، وستولي فيه الهزائم.

ثانياً: التأكيد على أن هذا الانتصار، وهذا والانجاز، هو إنجاز لبناني عربي قومي اسلامي لا يمكن اختصاره، ولا يدعي أحد منا اختصاره، لا بحزب أو حركة أو فصيل أو طائفة أو منطقة او حتى بوطن، وإنما هو ملك الأمة التي تخوض معركة واحدة مع المشروع الصهيوني ومشروع الهيمنة الاميركية على المقدسات والمنطقة والمقدرات. لطالما أكدنا وسعينا أن يكون هذا العيد بهذ المعنى وهذا الامتداد، نريده دائماً أن يكون عيداً للوطن وللأمة كلها .

ثالثاً: تمجيد وتقدير واحترام التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا في الأنفس والأولاد والأموال والأرزاق والأمن، وما قدمته حركات المقاومة بكل فصائلها، والجيش الوطني، والقوى الأمنية والجيش العربي السوري على الأرض اللبنانية والفصائل الفلسطينية، والتأكيد على أن هذا الإنجاز هو صنيعة هذه التضحيات الجسام، ولم يأتِ مجاناً.

رابعاً: من خلال إحياء المناسبة في كل عام نريد تعزيز ثقافة الأمل بالمستقبل والثقة بالانتصار وبالقدرة على مواجهة أعتى جيوش الاحتلال وأعظم التحديات. هذه الثقافة، هذه الثقة بالله، هذه الثقة بشعبنا وشعوبنا وبإنساننا، قبل كل شيء، برجالنا ونسائنا بكبارنا وصغارنا وعائلاتنا، هذه الثقافة هي التي أدخلتنا إلى الزمن الذي نسمّيه زمن الانتصارات. فمن العام ألفين إلى هزيمة “اسرائيل” في غزة وانسحابها من غزة في أيلول 2005 إلى هزيمة “إسرائيل” في حرب تموز 2006 إلى صمود غزة في 2008 – 2009 حرب الـ 22 يوماً، إلى مواجهة الأيام الثمانية عام 2012، إلى عملية كسر الصمت في غزة قبل شهور قليلة، وبينها هزيمة قوات أقوى جيوش العالم، الجيش الاميركي المحتل للعراق في كانون أول 2011 .

هذا زمن الانتصارات، هو وليد هذه الثقافة، هذه القناعة، هذه الثقة.

إذاً، أهم نتيجة نستخلصها دائماً، واليوم نؤكد عليها، منذ 25 أيار 2000، أننا يمكن أن ننتصر وقد انتصرنا في أكثر من موقع، وأن العدو ـ مهما كان جباراً ومقتدراً ويملك أقوى الأسلحة وأقوى الجيوش ـ يمكن أن يُهزم أمام إرادتنا، وقد هُزم في أكثر من موقعة.

المهم دائما أن نملك هذا الإيمان وهذه الثقة وهذا التوكل وهذا العزم وهذه الإرادة وأن نواصل العمل، لأن الإيمان وحده لا يكفي.

المضمون الأخلاقي والحضاري للمقاومة

من الواجب في هذه الذكرى، ونظراً للأحداث التي تجري في منطقتنا، أن أتوقف عند المضمون الأخلاقي والحضاري لهذه المقاومة، وانتصارها في العام ألفين.

للأسف الشديد، اليوم يتم ترسيخ فكرة أو انطباع أو مشهد يحاول أن يربط بين الإسلام، الحركة الإسلامية، الجماعة الإسلامية، المجموعة الإسلامية، الإطار الإسلامي، وبين القتل العشوائي والذبح والتدمير والحرق والمجازر وأعمال الإبادة الجماعية وتدمير أماكن العبادة وقطع الرؤوس ونبش القبور وشق الصدور والقتل وإصدار أحكام الإعدام على الآخرين لمجرد الاختلاف معهم فقط في الموقف السياسي وليس لأسباب دينية وعقائدية، هذا الربط هو جريمة بحق الإسلام وخيانة من قبل أولئك الذين يقومون به.

الوقت لا يتسع، ولا أريد الدخول في نقاش علمي أو فكري أو فقهي حول هذه المسألة، وإن كانت جديرة بالنقاش والاستعراض، وإنما أريد أن أقول في يوم 25 ايار إن أمامنا نموذجاً مختلفاً وتجربة مختلفة هي انتصارالمقاومة في جنوب لبنان، في العام 2000 في مثل هذه الأيام دخل آلاف المقاتلين المجاهدين المدججين بالسلاح إلى منطقة الشريط الحدودي المحتل المتسعة، إلى مدنها وقراها، وفيها أهلنا من شعبنا اللبناني الذين ينتمون إلى ديانات ومذاهب وطوائف واتجاهات مختلفة ومتنوعة، وبالرغم من تورط البعض من أبنائهم في كل ما جرى على الجنوب والبقاع الغربي ولبنان من قبل العدو على مدى سنوات الاحتلال الطويلة.

الكل يتذكر تلك الأيام كيف حُفظت الأنفس والكرامات والأموال والناس والكنائس والمساجد ودور العبادة والأشجار والنبات والحجر والمدر والبشر، ولم يُمس أحد بسوء ولن يُمس أحد بسوء. هذه المقاومة صنعها الإسلام، هذه المقاومة إسلامية. هي مقاومة لبنانية، هي مقاومة وطنية، هي مقاومة عربية، هذا صحيح، ولكن هذه مقاومة إسلامية، والذي فعلته أو قدمته من تجربة عام 2000 هو تعبير صادق عن الإسلام وقيم الإسلام وأخلاق الإسلام وتعاليم الإسلام وسماحة الإسلام ومحمد بن عبد الله، نبي الإسلام العظيم، صلى الله عليه وآله وسلم. إن أي مسلم يدعي الإنتساب إلى الإسلام عندما يُحسن إنما يُحسن إلى نفسه وإلى دينه، أما عندما يسيء فإنما يسيء إلى نفسه، لأن دينه لا يقبل هذه الإساءة.

 

يجب أن يمتلك لبنان قوة ردع العدو

أيها الإخوة والأخوات:

هذا فيما يعني المناسبة، فيما يعني الوضع الحالي مع العدو الإسرائيلي، ندخل إلى ملفاتنا:

أولاً: نؤكد على سياسة الردع مع العدو، يعني وجوب أن يمتلك لبنان قوة ردع العدو، لأن هذه القوة أو هذه السياسة أو هذه الإستراتيجية ـ سمّوها كما شئتم ـ هي الوحيدة الكفيلة بحماية لبنان أرضاً، وشعباً، ومؤسسات، ودولة وخيرات ومقدرات وماء ونفطاً وغازاً، وكياناً، ووجوداً ومستقبلاً، وكرامة وسيادة، في ظل اختلال توازن القوى مع العدو، لا يوجد إلا هذه الاستراتيجية، وفي الحقيقة لم يقدم أي استراتيجية جدية تريد أن تحقق هذا الهدف أو تصل إلى هذه الغاية.

في عيد المقاومة والتحرير نحن نؤكد تمسكنا بالمعادلة الذهبية، معادلة:الجيش، والشعب، والمقاومة، كُتبت في بيان وزاري أو لم تُكتب، طبعا مضمونها محفوظ بالبيان الوزاري، اللغة العربية هي التي أنقذت البيان الوزاري، هذا الممضمون، الجيش والشعب والمقاومة موجود في البيان الوزاري الحالي، لكن البعض يقف عند الكلمات والعبارات، المهم المضمون، المهم أن يمتلك لبنان هذه القدرة لحماية البلد.

في الوقت الذي ندعم فيه تطوير مقدرات الجيش اللبناني البشرية والمادية بكل تأكيد، ولا نتحسس من هذا الأمر، خلافاً لكل ما يحاول البعض أن يشيعه، فإني أؤكد لكم اليوم إن المقاومة، وبالرغم من كل التطورات والأحداث التي تجري في المنطقة، وفي مقدمتها سورية المقاومة، تحافظ على قدرة الردع هذه، وهذا ما يعترف به العدو ويحسب له كل حساب، ومن جهة أخرى أؤكد لكم أن المقاومة تعمل في الليل وفي النهار على تطوير قدرة الردع هذه، وهو ما يقلق العدو أيضا ويتحدث عنه دائماً.

إذاً نحن لسنا فقط نحافظ على قدرة الردع، لا، نحن نعمل على تطوير قدرة الردع، وهذه واحدة من هواجس العدو الإسرائيلي، والذي دائما يتطلع إلى سورية وإلى إيران وإلى كل الأصدقاء وما يمكن أن يقدموه أو قدموه لهذه المقاومة. لا يمكن في قضية امتلاك قدرة الردع أن تصل إلى حد، وتقول يكفي هذا الحد. أنت تتحدث عن “إسرائيل” عن الجيش الإسرائيلي عن أحد أقوى الجيوش في العالم. وبالتالي من واجبنا أن نطور قدرة الردع بمعزل عن كل النقاشات الجانبية التي تتحدث عن سلاح المقاومة ومستقبل سلاح المقاومة وإلى أين يمكن أن يصل هذا الأمر. دعوا هذا جانباً، لكن نحن ـ إنطلاقاً من إيماننا بحقّانية وصوابية هذه المعادلة فيما يعني المقاومة بالتحديد ـ نحن نعمل في هذا الاتجاه.

ثانياً: وجوب الإهتمام ببقية الملفات العالقة في الشق اللبناني من الصراع مع “إسرائيل”، يعني موضوع مزارع شبعا، تلال كفرشوبا، الجزء اللبناني من الغجر، ملف الأشخاص المقاومين أو المدنيين الشهداء أو المفقودين أو الأسرى، الذين هناك نقاش حول وضعهم، ملف الخروقات الجوية والبرية والبحرية، لا أقصد ما يجري الآن على الحدود، سأعود إليه، هذا ما تبقى من الصراع اللبناني الإسرائيلي المباشر، طبعا موضوع اللاجئين الفلسطينيين، وعودة إخواننا الفلسطينيين إلى أرضهم وإلى أملاكهم، هذه قضية تتعلق بمجمل الصراع، وليس الشق اللبناني البحت، هذا طبعا يحتاج إلى عناية وإلى إهتمام. تعالوا لنعترف أنه ليس هناك شيء جدي بهذا الموضوع، لا يوجد شيء جدي، الدولة تتحدث أصلا، لا تتحدث، بالبيان الوزاري يتذكر الناس مزارع شبعا وتلال كفرشوبا و. . و. . و.

حتى نحن، حتى حركات المقاومة، ليس فقط نحن وفصائل المقاومة وكل جماعة الذين يؤمنون بالمقاومة، هذا الموضوع بشكل أو بآخر لا اعتقد أننا قاربناه بشكل جدي. فلنقم بنقد ذاتي، نتيجة أحداث البلد والتطورات بعد العام 2005 و2006، الأحداث بالمنطقة، الأحداث في سورية، أيّاً يكن، لكن هذا أمر لا يجوز إغفاله وإخراجه من دائرة المسؤولية.

ثالثاً: الوضع على الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة. تلاحظون في الآونة الأخيرة، في الأشهر الأخيرة، هناك نوع من التجاوز الإسرائيلي الذي ارتفعت وتيرته، بمعنى هنا ناس على الحدود وعند الشريط الشائك، أحيانا يصرخ عليهم، يهددهم، مزارعون يزرعون أرضهم عند الشريط الشائك يطلق النار في الهواء، في منطقة مزارع شبعا، تتكرر الحكاية، الخطف، والاعتداء على رعاة الأغنام والمزارعين اللبنانيين، وفي أماكن أخرى حصل إطلاق نار، هذا الأمر لا شك أنه يجب التوقف عنده. من حيث الأساس تتم معالجة هذه الخروقات، أتحدث عن الحدود، ولا أتحدث عن الخروقات الجوية والبحرية والبرية العسكرية، لا. في أي مكان يدخل إليه الإسرائيلي، ونعلم بأنه دخل أو نكتشف مسبقا بأنه دخل، نحن معنيون بمواجهته، هذا تحدثنا عنه العام الماضي ونعمل على هذا الأساس. لكن أنا أتحدث عن هذا الشق الذي له علاقة بالمباشر، على الشريط الشائك على الحدود.

معادلة الجيش واليونيفيل

المعالجة الطبيعية هي أن الجيش واليونيفيل هم الذين يتدخلون ويتصلون ويعالجون الأمور، وطالما أن المسألة لم تصل إلى نقطة خطيرة فمن الطبيعي أن تستمر المعالجة على عهدة الدولة وعلى عهد اليونيفيل. لكن إذا استمر هذا الأمر، هذا يحتاج إلى توقف. من جهة أخرى، وسأعود للتوقف، من جهة أخرى، أنا أقول للناس، خصوصا أهل القرى الأمامية، أهل القرى الحدودية الملاصقة للحدود، هذا ما يجري من الطرف المقابل، من العدو، هو تعبير عن إنزعاجه من جهة، عندما يراكم في أرضكم، في حقولكم، في بيوتكم، سعداء أعزاء مرفوعي الرأس، هذا لا يتحمله الإسرائيلي، الإسرائيلي القائم كيانه ومشروعه على أساس الإذلال والإهانة والإعتداء، هذا لا يتحمل أن يرى أهلنا على امتداد الحدود، من الساحل إلى أعالي القمم انهم موجودون في قراهم وحقولهم ومزارعهم، يشعرون بالأمن، يتجولون بالليل والنهار، هذا لا يتحمله على المستوى النفسي، هذا جزء من هزيمة العدو التي صُنعت في 25 أيار 2000، لكن من جهة أخرى “بدنا نعمل له” أسباب تخفيفية، هو خوف العدو. في السابق على هذه الجهة من الحدود كنا نحن الخائفين، ناسنا فلاحينا مزارعينا، سكان البيوت والقرى. اليوم الخائف هو الجالس في الأرض الفلسطينية المغتصبة، من ذلك الطرف من الحدود. اليوم هو يخاف من الفلاحين ومن المزارعين ومن المعول والرفش، والشجرة وأغصان الشجرة وحفيف الورق وصوت المياه، حتى صوت المياه يخوّف هؤلاء الجنود الجالسين على الحدود.

 

خوف من جهوزية المقاومة

نحن اليوم أمام جيش يجلس في المواقع، يخاف أكثر ممّا يخيف، يخاف أكثر ممّا يخيف، هذا واقع حقيقي. أنا لا أبالغ الخوف عند الإسرائيلي اليوم ليس فقط في جنوده على الحدود، تراه كيف يجلس ويدشم ويضع الحديد والمصفحات، حتى عندما يقوم بمسح على الشريط الشائك، يعتمد على الريبوتات والسيارة الآلية الموجهة، إلى هذا الحد هو خائف ومرعوب. الرعب لا يقف عند الحدود. في الجبهة الداخلية، في قادته السياسيين وجنرالاته العسكريين ومجتمعه الإستيطاني المغتصب لأرض فلسطين، هناك خوف من هذه المقاومة.

هناك خوف من جهوزية هذه المقاومة

كل ما يدق معول يقول ماذا يفعل هنا؟ كلما يبنى بيت على الحدود يقول:ماذا يفعلون هنا؟

إذاً الموضوع أيضاً له علاقة بالخوف، له علاقة بأن هذا العدو ينظر إلى الجهة المقابلة بأنها جهة جادة في أن تكون على درجة عالية من الجهوزية، فيحسب كل صوت وكل حركة وكل نشاط وكل بناء وكل إعمار وكل زرع وكل قطاف، يحسبون كل صيحة عليهم، وهم خائفون.

الآن أنا أقول لكم في هذا اليوم:كما عدتم في 25 ايار 2000 وتجوّلتم على الحدود، على الشريط، وأقمتم الأعراس ورفعتم الرايات، ابقوا كذلك، ابنوا وعمّروا، وازرعوا وتجوّلوا ولا تخافو من هذا العدو، لا تخافوا منه على الإطلاق. هذه الأسطورة أصبحت حكاية من الماضي، يتسلى بها أطفالنا، وهذا العدو لن يجرؤ وهو يعلم أنه لن يجرؤ. نحن لا نريد أن نستعجل الامور، طالما أن المسائل التي تتم معالجتها تعالج، لكن إذا وصلت إلى النقطة التي تستدعي ـ وهنا سأكون دقيقاً ـ التي تستدعي تدخلاً من المقاومة، المقاومة لن تسكت على أي إهانات أو تجاوز أو اعتداء على أحد من شعبنا الأبي والوفي على طول الحدود الدولية. كل شيء يعمل بالنسبة والتناسب، المقاومة تملك من الشجاعة ومن القدرة ومن الحكمة أيضاً، ومن الحسابات الدقيقة ما تستطيع أن تمنع فيه هذا الواقع الذي يريد أن يكرسه العدو في المنطقة الحدودية. حسناً، هذا عنوان، هذا ملف كبير، الوضع الحالي مع الإسرائيلي.

 

الأحداث تؤكد صحة موقفنا تجاه سوريا

الملف الآخر: سورية.

في مثل هذا اليوم بالتحديد من العام الماضي، يعني 25 ايار 2013، ومن بلدة مشغرة، بلدة الشهداء، بلدة القائد الشهيد الأستاذ أبو حسن بجيجي ورفاقه، تناولت الأحداث في سورية، قدمت رؤية حزب الله لما يجري للمشروع، للمخاطر، للتهديدات، للفرص، للتحديات، للمخاطر المترتبة على هذا الواقع على سورية ولبنان وفلسطين والأردن والمنطقة كلها وعلى الأمة كلها، وخصوصاً على فلسطين وقضيتها، وعلى لبنان ومقاومته وشعبه ـ طبعاً لا أريد أن أعيد ما تحدثت عنه في ذلك الخطاب ـ وخلال سنة، أنا وإخواني وحلفاؤنا وأصدقاؤنا وكل من يتفق معنا في هذه الرؤية من خلال المناسبات ومواقع التواصل المختلفة، تلفزيون وإذاعة الخ. . . تم شرح هذا الأمر، قلت يومها إننا سنتحمل المسؤولية ولن نقف متفرجين، وحددت الموقف.

جاءت الأحداث خلال هذا العام برأينا لتؤكد صحة كل التحليلات وصحة هذا الموقف. بإجمال، أعود وأقول لكم اليوم لماذا نقف مع سورية، ولماذا نقف إلى جانبها وندافع عنها.

للتذكير فقط، أكتفي بأسطر قليلة، للتذكير، أن سورية كانت وما زالت قلب العروبة، وهي التي وقفت في قلب التمدد الإسرائيلي وحمت كل المشرق العربي، بما فيها دول الخليج (الفارسي)، من أن تصل إليها يد “إسرائيل” الطامحة إلى “إسرائيل” الكبرى من النيل إلى الفرات، والتي لا حدود لطموحها أصلاً، وهي التي وقفت وحيدة إلى جانب مصر، وهي التي كانت وما زالت قلعة للصمود والتصدي، وهي التي صدحت بالعروبة هنا القاهرة، وهي التي ما زالت تحمل وحيدة شرف عدم التواصل مع العدو أو التوقيع للعدو، أو إقامة علاقات بأي شكل من أشكال العلاقات مع “إسرائيل”، وهي التي حمت وغذّت ودعمت وما زالت المقاومة اللبنانية والفلسطينية ودفعت الأثمان من أجل ذلك، وما زالت تحارب من أجل ذلك، سورية هذه هي التي ندافع عنها، فلماذا لا يحق لنا أن ندافع عن مَواطن قوتنا وظهرنا وسندنا وموقع العزة في هذه الأمة والمنارة العربية الصامدة بوجه التطبيع والاستسلام، في الوقت الذي نجد أنه في الكيان الغاصب لفلسطين، يؤتى بشذاذ الآفاق الصهاينة من كل أنحاء العالم وما زال يؤتى بهم من كل أنحاء العالم، ليدافعوا عن خرافة بنوها في عقولهم المريضة بالإجرام والقتل العنصرية، نعتقد أن موقفنا وخلفية موقفنا واضحة جداً.

اليوم بالعكس، الآن بعد سنة من ذاك الخطاب، يتضح المشروع أكثر، نحن دائما كنا نقول إن هناك مشروعاً في المنطقة يريد أن يعيد تجزئة المنطقة وتقسيم المنطقة على أساس عرقي وطائفي مذهبي.

 

سوريا مشروع لتقسيم أكثر في المنطقة

لكن يبدو أيها الإخوة والأخوات، عندما نشاهد الآن ما يجري في سورية وفي أكثر من بلد عربي، أن المشروع هو تقسيم المنطقة أكثر من ذلك، ليس فقط على أساس مذهبي، بل على أساس إمارات ومقاطعات ودولة لكل جماعة مسلحة، كل جماعة مسلحة يصبح لها دولتها، خمس أو ست أو سبع (دول).

بالزمان كانوا يقولون إن سورية يقسمونها إلى ثلاث أو أربع (دول) والعراق يقسمونه إلى ثلاثة أجزاء، وليبيا ومصر وتونس يقسمونها ايضا، يبدو أن هذا الكلام أصبح من الماضي. الكلام الجديد هو تقسيم بلادنا العربية والإسلامية بعدد الجماعات المسلحة، وليس بعدد الأعراق أو الطوائف أو المذاهب، حتى التنظيم الواحد عندما يختلف قادته سيشكل دولتين، كدولة داعش ودولة النصرة على سبيل المثال. هذا ابشع أشكال الفوضى التي تنتج الفوضى، وهذا المشروع هو الذي يجب أن يواجه.

اليوم عندما نواجه هذا المشروع وأدوات هذا المشروع، نتذكر أيضا أن الذين صنعوا “إسرائيل”، الذين صنعوا هذا الكيان، أنا أريد ان أذكركم بالحركة الصهيونية، من قال إنهم كانوا يريدون المجيء إلى فلسطين، هم الجماعة كانوا يريدون دولة في أي مكان من العالم، الأرجنتين كانت واحدة من الخيارات، وأوغندا كانت خياراً آخر، وأظن اليمن كانت واحدة من الخيارات وفلسطين كانت واحدة من الخيارات. الذي جاء بالحركة الصهيونية إلى فلسطين هم الانكليز، هو الاستعمار الدولي، الاستكبار العالمي، سمّوه ما شئتم، ليكونوا الثكنة العسكرية الأمنية المتقدمة في قلب منطقتنا، التي تمزق منطقتنا، وتدمر منطقتنا وتضيع كل فرص التنمية، التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية وكل فرص الوحدة وكل فرص القيام والنهضة في منطقتنا العربية والاسلامية، وحتى نبقى مشغولين بحروبنا وننتقل من حرب إلى حرب ومن جبهة إلى جبهة ونسنتزف، ثم نلجأ إلى صانع عدوّنا فنستمد منه القوة والحماية. حسناً، هم الذين جاؤوا بالمشروع الصهيوني إلى فلسطين، وهم الذين جاؤوا بالصهاينة من كل أنحاء العالم إلى فلسطين. هذه خطيئة تاريخية، اليوم هذه الخطيئة تتكرر، ولكن كيف؟ طبعاً وجاؤوا بدعم عربي وبتوقيعات عربية وبغض نظر من حكام عرب لتكون لهم عروشهم، هذا قبل ستين أو سبعين سنة.

اليوم هذا المشهد يتكرر، هم يأتون، أميركا والغرب ومن معهما، يأتون بكل الإرهابيين من كل أنحاء العالم، بكل الجماعات التكفيرية من كل أنحاء العالم، يقدمون لهم التسهيلات والفيز والتمويل والتسليح، والنفقات والتغطية والإعلام والغطاء السياسي والقرار الدولي ووو. . . ويأتون بهم إلى سورية، من أجل ماذا؟ من أجل أن يدمروا سورية، وأن يدمروا محور المقاومة الذي بات يهدد أصل المشروع الصهيوني وبقاء “إسرائيل” في المنطقة، هذه هي الخطيئة الكبرى الجديدة المعاصرة.

وإلا هل هذا صدفة؟ من كل انحاء الدنيا جيء بهم إلى سورية، هذا لم يحصل في أي مكان آخر، حتى في افغانستان، ليس إلى هذا الحد وليس إلى هذا المستوى وليس بهذا الحجم، يؤتى بهم وتقدم لهم كل التسهيلات من كل أنحاء الدنيا، والحكومات هي التي تفعل ذلك وأجهزة المخابرات هي التي تدير ذلك ويؤتى بهم إلى سوريا ليخوضوا هذه المعركة القاسية والشرسة والصعبة.

على كل، الآن هذا الفهم بدأ يتسع، في داخل سوريا، في البلدان العربية، في العالم الإسلامي، في العالم كله، الكثير من الأسئلة التي لم تكن تطرح في البداية أصبحت تطرح وبشكل واسع وكثيف.

شارك المقال