أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله “أننا جميعا قادرون على مواجهة المخاطر وعلى إسقاط أي مسارات تآمرية على بلدنا ومنطقتنا وشعوبنا ومقدّساتنا” .
وقال السيد حسن نصر الله في كلمته بمناسبة الذكرى السنوية لانتصار المقاومة في حرب تموز، إن حرب تموز لم تكن معركة عابرة بل معركة حقيقية تتخطى لبنان الى فلسطين وكل المنطقة. ولم يكن الهدف في حرب تموز خلع سلاح المقاومة وحسب وانما القضاء عليها بشكل كامل.
واضاف السيد نصر الله: إن عدوان تموز كان جزءا رئيسيا من مسلسل له مراحل واهداف، وكان المطلوب في حرب تموز سحق المقاومة في لبنان، وكان العدو يجهز لاعتقال عشرة آلاف شخص من المقاومة.
وتابع: إن اهداف عدوان تموز كانت ضرب رؤوس المقاومة في لبنان وسوريا وفلسطين، وكان العدو يحضر لضرب ايران في عام 2007، والعدو خطط للسيطرة على منابع النفط في العالم وحل القضية الفلسطينية.
وقال السيد نصر الله: “كانت اسرائيل مكلفة بضرب المقاومة في لبنان وفلسطين وسوريا، بينما المقاومة اللبنانية وانتصارها في حرب تموز عطلت هذا المسار، والميدان اجبر الاسرائيلي على ان يصرخ بعد ان استنفذ قوته فطلب من اميركا وقف الحرب”.
واشار الى أن “صمود المقاومة في الميدان والاحتضان الشعبي لها والصمود السياسي اللبناني اوصل الى تنازل اميركا واوروبا عن شروطهما لوقف الحرب”، مؤكدا أن نتيجة الحرب كانت ازدياد عدة المقاومة وعديدها وتم تأجيل ضرب سوريا وضرب غزة.
وتابع: “هذا لا يعني أن الأهداف الأميركية في المنطقة سقطت، بل هي لديها عدة مسارات من أجل تحقيق أهدافها، وطالما أن المشروع الأميركي الاسرائيلي قائم هي تبحث له عن مسارات على ضوء الإمكانات والتطورات”.
قادرون على إسقاط أي مسارات تآمرية
واضاف السيد نصر الله: “هذه الحرب فشلت، ونحن نؤكد أمام المخاطر أننا جميعا قادرون على مواجهة هذه المخاطر وقادرون على إسقاط أي مسارات تآمرية على بلدنا ومنطقتنا وشعوبنا ومقدّساتنا”.
وقال: “ما يجري في قطاع غزة اليوم من حرب وعدوان اسرائيلي هو جزء من هذا المسار الجديد الذي كان قد بدأ قبل العدوان على غزة، والآن غزة هي حلقة من حلقات المسلسل أو مرحلة من مراحل هذا المسار الجديد، والمسار الجديد رسم على ضوء التطورات لتحقيق الأهداف نفسها من السيطرة على منابع النفط والغاز وتأمين غلبة اسرائيل”.
واردف السيد نصر الله: “هذا المسار بدأ قبل الحرب على غزة، والمسار الجديد أصعب وأخطر من المسار السابق، لانه ليس مسار اسقاط أنظمة واقامة سلطات بديلة، وانما هو مسار تدميري وتحطيمي لدول وجيوش وشعوب وكيانات والدليل ما يحصل حاليا”.
واضاف: “يراد بناء خريطة جديدة للمنطقة على اشلاء ممزقة وليس المقصود اشلاء أفراد فقط بل اشلاء شعوب ودول، على ركام وعقول تائهة نتيجة الأحداث التي تحصل أو المخطط لها أن تحصل، وعلى قلوب مرتعبة، ومن الممكن أن نرى المنظر عندما كانت مروحية أميركية تسحب نساء وأطفال في جبال سنجار من على الأرض، تذكروا هذا المشهد وتذكروا نسائكم وأطفالكم”.
وتابع: يراد أن نصل جميعا في المنطقة الى كارثة، ومن أجل أن نتخلص من هذه الكارثة نكون مستعدين للقبول بأي أمر، والأسوء أن العدو الأساسي عندها يتحول الى المنقذ.
واوضح السيد حسن نصر الله أن “العناصر الأساسية في هذا المسار الجديد هم الاسرائيليين لضرب المقاومة، والعنصر الآخر هو ما سمي بالتيار التكفيري الذي أصبح اليوم أوضح تجلياته داعش”.
وقال: “يمكن الغلبة على هذا المسار الجديد وأنا أقول لكل شعوب المنطقة أن هذا ممكن كما حصل في المسار السابق، لكن هذا لا يأتي في التمني بل بالعمل والجهد”.
واضاف: “علينا أولا أن نفهم وندرك ونصدق أن هناك تهديدا وجوديا وحقيقيا يهددنا جميعا، ومن يقول أن ليس هناك خطر منفصل عن الواقع، ولا يجب أن نتحدث عن أمور بشكل مضخم كي لا تتسرب الروح الهزيمة والانتصار بسبب الرعب والخوف كما حصل في المنطقة ايام الاجتياح المغولي”.
وتابع السيد نصرالله: “علينا أن ندرك الخطر وحجمه وامكانياته، وأن نبحث عن وسائل مواجهة هذا التهديد وانهائه والحاق الهزيمة به، ولا يجب أن نذهب الى أوهام أو الى خيارات فاشلة، يجب أن نذهب الى خيارات ناجحة بالنظر الى التجارب”.
وقال: “من خلال ذلك يمكن هزيمة هذا المسار، من خلال التجربة وما جرى في المنطقة على مدى عشرات السنين عشنا تجربة مؤلمة وحزينة وكانت قاسية على شعوب وأجيال ودول، وهي تجربة اسرائيل والمشروع الصهيوني، في بداية القرن العشرين عندما بدأ الصهاينة بالاتيان الى فلسطين كان عددهم لا شيء، وعند الحديث عن أنهم يريدون اقامة دولة لم يكن هناك من يصدق، وبالتالي لم يكن هناك تقدير حقيقي لهذا الخطر”.
واردف: “من الأساس عندما جاءت هذه العائلات وزعت على مستوطنات ذات وظائف أمنية وسياسية، لكن كان هناك ناس تعرف ما يحصل، الا أن الاغلبية الساحقة لم تكن تدرك، وعندما جئنا الى العام 1948 أيضاً لم يدركوا الخطر وكذلك في العام 1967 بعض العرب كان يجدون الاعذار لاسرائيل ويتحدثون عن أن ما قامت به كان حربا استباقية بسبب معلومات لديها عن تحضيرات لمعركة حاسمة معها من قبل بعض العرب”.
الغرب يتدخل لحماية مصالحه
وحول التدخل الأميركي فيما يجري بالعراق فقد أكّد السيد نصر الله أن “الغرب يتدخل لحماية مصالحه والدليل لان كردستان تعني ما تعني سياسيا واقتصاديا للادارة الاميركية”.
وسأل السيد نصر الله اللبنانيين مسلمين ومسيحيين “هل اذا انسحب حزب الله من سوريا يزول الخطر عن لبنان؟ مؤكداً أن المسؤولية الوطنية تقول لنقم لحماية البلد”.
وفيما يتعلّق بالجيش اللبناني، فقال السيد نصر الله ادعو الى البحث عن عناصر القوة وتجميعها لمواجهة الخطر واولها الجيش اللبناني والقوى الامنية، الجيش والقوى الامنية معنية بحماية الجميع والمطلوب دعم شعبي ورسمي ومعنوي ومادي للجيش اللبناني.
وقال السيد نصر الله “كل لحظة تمر وهناك اسرى للجيش والقوى الامنية عند الجماعات المسلحة هي لحظة اذلال، مشيراً إلى ضرورة الحفاظ على الحكومة الحالية لانها المؤسسة الوحيدة العاملة الى حين انتخاب رئيس للجمهورية، ووقف التحريض الطائفي والحزبي وبعدها اجراء مصالحات مناطقية ووطنية”.
وحول ما جرى في عرسال أكد السيد نصر الله أن “عرسال مستقبلها في البقاع الشمالي اي في بعلبك – الهرمل وليس مع “داعش” والنصرة ، مشيراً إلى ضرورة التعاون مع سوريا بالحد الادنى في ملف النازحين الأمر الذي يتطلب اجراء كلام رسمي بين لبنان وسوريا فيما خص النازحين”، لافتاً إلى أهمية التنسيق مع الجانب السوري فيما يتعلق بالحدود المشتركة بين لبنان وسوريا.
وفيما يتعلّق بالإستحقاق الرئاسي أكد السيد نصر الله دعم فريقه ترشيحاً محدداً في الاستحقاق الرئاسي ويجب اجراء حوار مباشر .
وأكد سماحته على جهوزية المقاومة أن تقدّم التضحيات لخوض معارك الشرف والكرامة مشيراً إلى أنه مكن الحاق الهزيمة بداعش ومن يدعمها بسهولة كما يمكن الحاق الهزيمة بهذا المشروع، داعياً الى موقف وطني مسؤول على مستوى الحكومة والجيش والشعب.
وختم سماحته قائلاً أن المقاومة لن تتخلى عن مسؤولياتها ولبنان كما في حرب تموز سوف يغير وجه المنطقة.
الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله
وفيما يلي النص الكامل لكلمة السيد نصر الله:
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.
نلتقي اليوم في هذا الحديث، في الذكرى السنوية العزيزة والغالية لذكرى الصمود والمقاومة والبطولات والنصر والملحمة التاريخية.
في هذه المناسبة العزيزة والغالية يجب أن نجدد شكرنا لله تعالى على دفعه للبلاء وتثبيته للقلوب وهدايته للعقول ونصره العظيم الذي منّ به على لبنان وشعب لبنان ومقاومة لبنان وجيش لبنان، وفي الحقيقة على الأمة كلها. هذه نعمة إلهية كانت على الأمة كلها لما كان يتهدد هذه الأمة، من خلال هذا العدوان كما سنعود لذلك بعد قليل.
والشكر لله تعالى دائما على جميع ألطافه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها”.
ثم من الواجب في هذه الليلة أن نتوجه بالشكر والتحية إلى أرواح الشهداء الذين بذلوا مهجهم ودماءهم لنحيا جميعا بعزة وكرامة والذين مازالوا يتقدمون الواحد تلو الآخر بكل إقدام وشهامة. من الواجب ان نخص هذه الليلة بالذكر الشهيد القائد الحاج إبراهيم الحاج المعروف بالأخ ابو محمد سلمان، والذي تولى قيادة الصمود والمواجهة في بلدة عيتا الشعب الحدودية طوال 33 يوماً. التحية إلى جميع الشهداء، شهداء المقاومة بكل حركاتها وقواها وأحزابها، شهداء الشعب، شهداء الجيش والقوى الأمنية، شهداء الدفاع المدني ووسائل الإعلام، إلى كل شهيد ارتفع إلى خالقه في تلك الحرب العدوانية الظالمة. والتحية إلى كل جريح وفيّ وإلى كل صامد أبيّ وإلى كل مهجّر صابر، كان واثقاً بالعودة العزيزة، إلى كل العوائل الشريفة، عوائل الشهداء عوائل الجرحى، والعائلات التي صمدت والتي هجّرت والتي استقبَلت والتي استُقبِلت والتي احتضنت، التحية والشكر مجدداً إلى كل من تحمّل المسؤولية وشارك في صنع النصر من رؤساء وقادة، من لم يشارك و”اللي مالن خصّه” الذين ـ بالعكس ـ عطّلوا “خلّيهم على جنب ما بدنا نفتح مشكل مع حدا”، لكن إلى كل الذين تحملوا المسؤولية وشاركوا في صنع النصر من رؤساء وقادة وقوى ونخب وكل ما تضامن وأعان من دول وحكومات وشعوب، وخصوصاً إلى من لم يبخل بأي نوع من أنواع الدعم رغم المخاطر، أعني كلاً من الجمهورية الإسلامية في إيران وسورية، لكن يجب أن أخص بالشكر من لهم الفضل الأول بعد الله سبحانه وتعالى في صنع هذه الملحمة التاريخية، وهم المقاومون البواسل الذين صمدوا في كل المواقع وقاتلوا بكل شجاعة وفاجأوا العدو وأرهبوه وأسقطوا كل خططه وتكتيكاته وعقوله ونقلوا المعركة إلى ميدانه ولم يكلّوا ولم يملّوا ولم يترددوا ولم يهنوا ولم يحزنوا ولم يضعفوا بالرغم من بشاعة العدوان ومجازر العدوان على أهلهم وعلى أحبائهم في القرى والمدن والبلدات، وهم ـ أي المقاومون ـ الذين فرضوا في نهاية المطاف على العدو أن يصرخ وأن يستغيث بسادته الأمريكيين لإنهاء الحرب في الأيام الأخيرة، فكان النصر الإلهي التاريخي في حرب تموز.
يجب أن نذكر بكل الإجلال والتقدير أيضا جميع قادة المقاومة، وخصوصاً الشهداء منهم، لا سيما سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي وشيخ شهدائها الشيخ راغب حرب، والقائد الشهيد الذي كان فضله كبيراً وكبيراً جداً في هذه الحرب الحاج عماد مغنية الحاج رضوان وكل الذين بنوا وأسسوا هذه المقاومة يوماً بعد يوم، جيلاً بعد جيل. يجب أن نذكر القائد المؤسس لهذه المقاومة الباسلة في لبنان سماحة الإمام السيد موسى الصدر وخصوصاً ونحن على بعد أيام قليلة من حادثة اختطافه الإليمة.
أيها الإخوة والأخوات: لقد قيل الكثير في حرب تموز وأُلقيت خطب ومحاضرات ودروس، وألّفت كتب ووضعت دراسات وأجريت تحقيقات واستخلصت عبر ودروس عند العدو وعند الصديق وعندنا، في المنطقة وفي العالم، وما زالت هذه الحرب ومجريات هذه الحرب ونتائج هذه الحرب على كل صعيد هي موضع بحث وتدارس وتحقيق ونقاش.
لأنها ببساطة لم تكن معركة صغيرة ولا حادثة عابرة وإنما كانت حرباً حقيقية لها أبعاد وأهداف سياسية ومعنوية وإقتصادية وتاريخية تتخطى لبنان وفلسطين إلى كل المنطقة بل إلى المعادلة الدولية، يكفي أن نتذكر في تلك الأيام ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق كوندوليزا رايس عن عدوان تموز: “أنه مخاض ولادة شرق أوسط جديد” موضوع كان له أهداف إقليمية وأبعاد إقليمية وأيضاً أهداف وأبعاد دولية، كانت كل المعطيات بعد انتهاء الحرب ـ أثناء الحرب هناك الكثير ظهر ـ لكن بعد انتهاء الحرب مما كتب، مما سجل من مقابلات صحافية والتحقيقات التي أجريت، والدراسات التي أجريت، المذكرات التي كتبت لرؤساء وقادة دول وجنرالات ووزراء خارجية، كله بدأ يقدم المعطيات والمستندات والوثائق وخصوصاً فيما قاله الإسرائيليون وشرحوه، وقاله الأمريكيون وشرحوه، وقاله لي أيضا أحد المفكرين الأمريكين الكبار، وهذا ليس سراً، هو كتبه في عدد من المقالات.
اتضح فيما بعد أن حرب تموز، أن عدوان تموز، كان جزءاً أساسياً من مسلسل في مراحل وله أهداف نهائية، كان المطلوب في عام 2006 أولاً من خلال الحرب إنهاء المقاومة في لبنان، سحق المقاومة في لبنان، وليس فقط نزع سلاح المقاومة في لبنان، ليس فقط نزع السلاح وبقاء البنية أو بقاء الأشخاص أو بقاء هذا الكيان الذي يمكن أن يتسلح مجدداً، لا، كان المطروح ليس نزع السلاح أو حل المقاومة، كان المطلوب سحق المقاومة، قتل قادتها وكوادرها وضرب مفاصلها ومجاهديها واعتقال أكبر عدد منهم. وتذكرون في ذلك الوقت كانوا يجهزون سجن إحدى المستوطنات في الشمال أو في الوسط لاعتقال 10000 شخص.
كان هناك تغيير بنيوي يراد تحقيقه من خلال الحرب. حسناً، هذا حلقة في المسلسل، يكمل عندما ينهي المقاومة في لبنان بحجة – هذا معطيات ومعلومات ولا أحلل – وبحجة أن سوريا وقفت إلى جانب المقاومة وأعطتها السلاح ودعمتها بالصواريخ وبعض السلاح النوعي، يكمل الاسرائيلي ضرب سوريا مما يؤدي إلى إسقاط النظام وقيام بديل صديق متحالف مع الولا يات المتحدة الأميركية.
أريد أن أذكر أن هذا كله عام 2006 بعد احتلال العراق والتواجد العسكري الأميركي الكبير في المنطقة.
الجزء الثالث أو الحلقة الثالثة في المسلسل كان ضرب المقاومة الفلسطينية وخصوصاً في قطاع غزة. هؤلاء الذين ذكروا هذه المعلومات قالوا إن هذا كله كان يفترض أن يطبق في 2006 أي قبل انتهاء 2006 لأنه كان هناك انتخابات نصفية للكونغرس الأميركي كان جورج بوش والمحافظون الجدد يريدون الدخول بحسب التعبير الاميركي نفسه الى الانتخابات التشريعية حاملين ثلاثة رؤوس “تشلي” دم ، رأس المقاومة في لبنان، رأس المقاومة في فلسطين، رأس النظام في سوريا.
ولذلك قبل حرب تموز، الذي كان يراقب الاعلام الاميركي كان يرى أن هناك تضخيماً كبيراً جدا لحزب الله بالتحديد، لحماس للجهاد وللنظام في سوريا ودورهم في “الإرهاب”.
كان هذا كله تحضيراً نفسياً وإعلامياً ومعنوياً، حتى إذا قطعت هذه الرؤوس الثلاثة يأتي جورج بوش ويقول للأميركيين: أنا قطعت لكم ثلاثة من رؤوس الإرهاب الدولي، تفضلوا انتخبوني، باعتبار إنني أنا الضامن لمصالح ولمستقبل الولايات المتحدة، والخطوة اللاحقة بعد الفوز في الكونغرس الاميركي كانت التحضير للحرب على ايران وإسقاط نظام الجمهورية الاسلامية عام 2007، الهدف من هذا المسار أن لا أتحدث من أجل التاريخ إنما سأقف عنده.
الهدف من هذا المسار أمران رئيسيان:
الأول: سيطرة أميركية محكمة ومطلقة على كل منابع النفط والغاز والطاقة في المنطقة، “خلص، طيب”، هذا العراق في يدهم يأخذون المنطقة هنا، يضربون حركات المقاومة، يسقطون النظام في إيران ويضعون يدهم على إيران، في الخليج هم متواجدون، هذه أهم مصادر الطاقة في العالم موجودة في هذه المساحة.
ثانياً: وهنا الاستهداف الحقيقي لحركات المقاومة وإيران ولسوريا بالتحديد هو إنهاء القضية الفلسطينية وفرض تسوية على الفلسطينيين وعلى العرب بالشروط الاسرائيلية، هذا كان الهدف.
عمل هذا المسار للوصول إلى هذا الهدف، عناصر هذا المسار كانت الاحتلال الأميركي المباشر للعراق وسابقاً لأفغانستان التي احتُلت كردة فعل على 11 أيلول. ثانيا إسرائيل والحرب الإسرائيلية حيث كانت إسرائيل مكلّفة بضرب المقاومة في لبنان، إسقاط النظام في سوريا من خلال الحرب، إنهاء المقاومة في فلسطين من أجل تحقيق هذه الأهداف.
هذا المسار كيف تعطّل؟ من عطّله؟ لماذا سقط؟
المقاومة في لبنان، الصمود اللبناني الأسطوري وكل من وجهت لهم الشكر بداية، انتصار المقاومة في حرب تموز أسقط هذا المسار أو بالحد الادنى عطله.
لماذا؟ لأن الميدان ـ وهذا كنت تحدثت عنه في يوم القدس والآن نجدده ونحن نخاطب غزة ومقاومة غزة وأهل غزة وإخواننا الفلسطينيين ـ لأن الميدان هو الذي أجبر الإسرائيلي أن يصرخ، عندما وصل إلى نقطة لم يعد قادراً على فعل شيء، استنفد سلاح الجو، استنفد القوات البرية، البحر خرج من المعادلة، العمليات خلف الخطوط أصبحت مغامرة خطيرة جداً نتيجة التطورات الميدانية التي حصلت. الإسرائيلي وصل إلى محل أنه ذاهب إلى كارثة عسكرية، طلب من الاميركيين وقف الحرب. كل ما كتب في المذكرات وما قيل معنا من وزراء خارجية ومسؤولين عرب كانوا في قلب المحادثات في نيويورك في مثل هذه الأيام والليالي، كله يؤكد هذا المعطى.
إذا صمود المقاومة وصمود لبنان، صمود المقاومة في الميدان أولاً، ثانياً: الصمود الشعبي والاحتضان الشعبي للمقاومة، ثالثاً: الصمود السياسي، مع العلم إنه كان عندنا مشكل سياسي كبير في الداخل، لكن الصمود السياسي كناتج أوصل أن الأميركيين والإسرائيليين والأوروبيين ومجلس الأمن الدولي يتنازل عن أغلب الشروط التي كان يضعها في الأسبوع الأول والأسبوع الثاني والأسبوع الثالث لوقف العدوان على لبنان .
النتيجة ماذا كانت:
أولاً: بقيت المقاومة في لبنان، لم تُسحق، لم تُضرب بنيتها، لم يُنزع سلاحها، بل أكثر من ذلك، تعاظمت المقاومة في لبنان، في بنيتها وفي عديدها وفي عتادها وفي شعبيتها وفي احترامها وفي الثقة بها.
ثانياً: لم تصل الحرب الإسرائيلية إلى سوريا لأنها عجزت في لبنان، إذا أكمل في لبنان كان ذاهباً إلى كارثة، فكيف سيوسع الحرب؟
ثالثاً: لم تحصل الحرب أو أجّلت الحرب على قطاع غزة بعام 2006 وقبل الحرب على لبنان كان هناك عمليات قصف جوي عنيف تحصل على قطاع غزة، وقد أجّلت بالحد الأدنى إلى آخر الـ2008.
بل أكثر من ذلك تصاعدت المقاومة في العراق للاحتلال الأميركي، أيضاً الصمود السياسي في العراق والمقاومة في العراق والإرادة الوطنية العراقية أدت الى خروج المحتل الاميركي دون أن يحتفظ لنفسه بثكنات أو يحصل على حصانة لجنوده وضباطه وسقط المحافظون الجدد في الانتخابات وجاءت إدارة جديدة وسقط كل هذا المسار.
هذا لا يعني أن الأهداف الأميركية سقطت، لا، دائماً يجب أن يبقى في وعينا شيء اسمه هناك أهداف أميركية ثابتة في المنطقة.
من أجل الوصول إلى هذه الأهداف تتبّع مسارات معينة أو تضع خططاً ومشاريع معينة، عندما يسقط مسار تلجأ إلى مسار آخر، إلى مسار ثالث، رابع، خامس، إلى أن تلحق الهزيمة النهائية بكل هذا المشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة، عندها لا يبقى لا مشروع ولا أهداف ولا مسارات، لكن طالما هذا المشروع الاميركي الاسرائيلي وهذه الأهداف الأميركية ـ التي جزء منها إسرائيلي ـ قائمة فهي دائماً تبحث لها عن مسارات على ضوء الإمكانات والمستجدات والتطورات والعناصر القائمة.
حسناً هذه الحرب فشلت.
نتحدث هكذا لندخل للبحث الأساسي الذي هو الجزء الأساسي هذه الليلة، وثانياً لنذكّر بحجم الانتصار السياسي والتاريخي الذي حصل في حرب تموز حتى لا يُنسى في خضم الاحداث والتطورات.
لبنان، الشعب اللبناني، المقاومة اللبنانية، الدولة، الجيش، كل من كان له صلة حقيقية بهذا الانجاز وهذا الانتصار التاريخي، صنع هذا الانجاز التاريخي السياسي العسكري الفكري الثقافي الاخلاقي
الانساني الكبير، ولا تزال تداعياته قائمة إلى الآن.
ثالثاً: لنؤكد اليوم أمام المخاطر والتهديدات الحاضرة والقادمة إننا جميعا قادرون على مواجهة هذه المخاطر وقادرون على إسقاط أي مسارات تآمرية على منطقتنا وبلدنا وبلداننا وشعوبنا ومقدساتنا،
لأنه في حرب تموز عندما ذهب الأميركيون إلى هذا المسار كان لديهم كامل عناصر القوة، بل أنا أدعي أنه في تلك اللحظة كان الأميركيون في ذروة القوة، بل لم تصل قوة في التاريخ والعالم إلى هذه القمة التي وصل إليها الأميركيون بعد الـ 2001 و2002. قمة القوة الأميركية العسكرية الأمنية السياسية المخابراتية الإعلامية، قمة السيطرة، قمة التهويل والتغوّل الأميركي، كان في هذا العقد من الزمن.
ثانياً: الظروف الإقليمية والدولية، اتحاد سوفياتي “ما فيه”، معسكر اشتراكي “ما فيه” عالم عربي، “ما فيه شي”، كله كان منهاراً أمام الولايات المتحدة الأميركية، الظروف الإقليمية والدولية المساعدة جداً.
من قدر أن يواجه في ذاك الوقت، لا أتحدث عن جهة محددة، هذا المجموع، في لبنان وفي المنطقة من لبنان إلى فلسطين إلى سوريا إلى العراق إلى إيران إلى بقية المنطقة، كلّ بحسب إمكاناته وموقعه وقدراته، الذي قدر أن يواجه هذا المسار ويسقطه هو قادر على أن يواجه أي مسار آخر ويسقطه. هدف التذكير أيضا هذا.
شارك المقال